فرجعت قريش، ورحل
البراء إلى بطن يأجج، وتلاحق أصحابه من المسلمين، وطلبتهم قريش، فأدركوا سعد بن
عُبادة، فجعلُوا يضربونه، حتى أدخلوه مكة، فجاء مُطعمُ بن عدي والحارثُ بنُ حرب بن
أُمية، فخلصاهُ منهم، وتشاور الأنصارُ حين فقدوه أن يكروا إليه، فإذا هو قد طلع
عليهم، فرحلوا جميعًا. وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الهجرة إلى
المدينة، فبادر الناس، فكان أول من خرج إليها أبُو سَلَمَةَ، وامرأته رضي الله
عنهما، ولكنها حُبست عنه سنةً، وحيل بينها وبين ولدها، ثُم خرجت بعد بولدها إلى
المدينة، وشيعها عُثمانُ بن أبي طلحة ([1]).
*****
خرج أبو سلمة وامرأته أم سلمة، وابنهما الصغير
سلمة، المشركون أخذوا أم سلمة وابنها، وذهب أبو سلمة إلى المدينة وحده رضي الله
عنه تاركًا زوجته وابنه في قبضة المشركين؛ فرارًا بنفسه.
عثمان بن أبي طلحة الشيبي سادن الكعبة، وكان مشركًا، ولكن لما رأى شغفها باللحاق بابنها وزوجها، فإنه صحبها رضي الله عنه -كان كافرًا في ذلك الوقت-، صحبها رحمة بها؛ يحميها، حتى أوصلها إلى المدينة.
([1]) أخرجه: ابن هشام في «سيرته» (1/469).