×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

وأبو لهبٍ وراءهُ يقُولُ: لا تُطيعُوهُ، فإنهُ صابئ كذابٌ، فيرُدونَ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم أقبح الرد، ويؤذونهُ.

ويقولون: أُسرتُك وعشيرتُك أعلمُ بك؛ حيث لم يتبعوك، وهو صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الله، ويقُولُ: «اللهم لو شئت، لم يكونوا هكذا».

*****

أبو لهب عمه، أبو لهب بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وسمي أبا لهب لوضاءة وجهه؛ لأن وجهه فيه وضاءة، حتى كأنه لهب، فسمي أبا لهب.

وقد كان مبغضًا للرسول صلى الله عليه وسلم، معاديًا لدعوته أشد العداوة، وهذا من حكمة الله جل وعلا أن أقرب الناس إليه صار بهذه المنزلة، فيتابعه، ويمشي وراءه، فإذا دعا صلى الله عليه وسلم قبيلة ما، جاء بعده، وقال: لا تصدقوه، هذا كذاب، هذا صابئ - والصابئ: هو الخارج عن الدين ([1])-، فيقولون: إن قرابته أعرف به، فلا يقبلون من الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا ابتلاء وامتحان، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا مِّنَ ٱلۡمُجۡرِمِينَۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيٗا وَنَصِيرٗا[الفرقان: 31]، فهذه حكمة من الله عز وجل.

وقال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ [الأنعام: 112]، فهذه حكمة الله جل وعلا، ولكنه لم يضر الدعوة، إنما أضر بنفسه المسكين.

أنت الذي جعلتهم هكذا بقدرتك وحكمتك، فيرد الأمر إلى الله عز وجل.


الشرح

([1] انظر: مادة (صبأ) في: العين (7/171)، وتهذيب اللغة (12/180)، والصحاح (1/59)، ومقاييس اللغة (3/332)، ولسان العرب (1/107).