يهود المدينة أن
نبيًّا سيخرُجُ في هذا الزمانِ، فنتبعُهُ وَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ
وَإِرَمَ. وكانت الأنصار يحجون كما كانت العرب تحج دون اليهود، فلما رأوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله، وتأملوا أحوالهُ، قال بعضهم لبعض:
تعلمون والله يا قوم أن هذا الذي توعدكم به اليهودُ، فلا يسبقنكم إليه.
وكان سُويدُ بن
الصامت من الأوس قد قدم مكة، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يبعد، ولم
يُجب، حتى قدم أنس بن رافعٍ في فتيةٍ من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف،
*****
قال تعالى: ﴿وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ
يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ
كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 89]،
كانوا في المدينة يستفتحون، يقولون: سيبعث نبي، قريب بعثه، فنقاتلكم معه، فتقتلكم
قتل عاد، ﴿فَلَمَّا
جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ﴾؛ أي: لما جاء هذا
الرسول الذي يتوعدون به، كفروا به -والعياذ بالله-، فصار هذا من صالح الأنصار.
لأن الحج مستمر من
عهد إبراهيم عليه السلام، وهو من بقايا دين الخليل إبراهيم، لكنهم حرفوا فيه،
وغيروا فيه، إلا أنه موجود ومستمر وباق.
يطلبون الحلف مع أهل مكة؛ لأنهم كانوا في الجاهلية يصنعون الأحلاف؛ ليتقووا بها على أعدائهم، فجاؤوا يطلبون الحلف من أهل مكة، وأراد الله عز وجل لهم خيرًا من هذا الحلف.