فسار صلى الله
عليه وسلم حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوفٍ، فنزل على كلثوم بن الهدم، وقيل: على
سعد بن خيثمة، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة، وأسس مسجد قُباء، وهو أول مسجدٍ أسس بعد
النبوة ([1]).
فلما كان يوم
الجمعة، ركب بأمر الله، فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوفٍ، فجمع بهم في المسجد،
الذي في بطن الوادي.
*****
في بني عمرو بن عوف،
وهم أهل قباء، المكان يقال له: قباء، هذا اسم المكان؛ النخيل، ثم بني المسجد، وسمي
مسجد قباء.
أقام في بني عمرو بن
عوف أربع عشر ليلة -أي: نصف شهر-، وبني مسجد قباء، المسجد المبارك الذي قال الله
جل وعلا فيه: ﴿لَّمَسۡجِدٌ
أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ يَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِۚ فِيهِ
رِجَالٞ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِينَ﴾ [التوبة: 108]، وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يزور مسجد قباء كل سبت ماشيًا
وراكبًا، ويصلي فيه، فصارت زيارة مسجد قباء لمن كان في المدينة سنة إلى يوم
القيامة؛ لأنه مسجد مبارك، وأول مسجد أسس على التقوى.
وقيل: إن أول مسجد
أسس على التقوى هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تنافي؛ فكلاهما أول مسجد
أسس على التقوى.
أقام صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف على طريقه، وهو ذاهب إلى المدينة.
([1]) أخرجه: ابن هشام في «سيرته» (1/ 492)، وابن سعد في «طبقاته» (1/ 180).