×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

فللصديق رضي الله عنه من هذه الأخوة أعلى مراتبها، كما له من الصحبة أعلى مراتبها.

ووادع صلى الله عليه وسلم من بالمدينة من اليهود،

*****

أبو بكر الصديق اجتمع له الصحبة، وأخوة الإيمان، والنصرة، والمرافقة له صلى الله عليه وسلم.

هذا ما فعله مع الأنصار، وأما من بالمدينة من اليهود، فالنبي صلى الله عليه وسلم عقد معهم عهدًا، ووادعهم - من الموادعة، وهي عدم الحرب والصلح-، فعاقدهم على أن يتركهم على ما هم عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجبر أحدًا على الإيمان، ولا أحد يستطيع أن يجبر أحدًا على الإيمان، وإنما هذا بيد الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ[القصص: 56].

فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يجبر اليهود على الدخول في الإسلام، ولا يجبر أحدًا أبدًا، فوادعهم صلى الله عليه وسلم، عقد العهد بينه وبينهم على أنهم يدفعون عن المدينة من أرادها بسوء، ويدافعون مع المسلمين، وأن يكفوا عن عداوة الرسول وأذى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطوه ذلك، ولكنهم خونة، لا يَفُونَ بالعهد، فقد خانوا من قبله من الرسل، فهم أهل خيانة وغدر، ولكن مع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم عاهدهم؛ حتى يظهر منهم العداوة، ولو أنه صلى الله عليه وسلم بطش بهم من أول الأمر، لقال الناس: إنه أخطأ عليهم. لكنه عاهدهم؛ حتى يظهر منهم ما يخالف العهد، فحينئذٍ الله جل وعلا مكنه منهم.

واليهود هم ثلاث فرق: بنو قَينُقَاعٍ، وبنو النضير، وبنو قريظة، وكلهم خانوا، ولكنه صلى الله عليه وسلم منَّ على بني قَينُقَاعٍ، وأجلى بني النضير عن


الشرح