والأنصار عندهم
أموال ومزارع ومساكن ونخيل، عندهم خير، والنبي صلى الله عليه وسلم آخى بينهم أخوة
مواساة؛ يؤوون إخوانهم، ويمدونهم بالمال؛ من أجل أن يعوضوهم عما تركوه في مكة.
قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو
ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا
يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ
أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ﴾ [الحشر: 9]، هؤلاء
هم الأنصار.
فواسوا إخوانهم
المهاجرين في أموالهم وفي مساكنهم، حتى إن بعضهم قال لأخيه المهاجري: إن عندي
زوجتين، أتنازل لك عن واحدة منهما. أي: أنه يطلقها، ثم إنها إذا خرجت من العدة
يتزوجها أخوه المهاجر، هذا قاله الأنصاري لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.
فقال له: بَارَكَ
اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ ([1]). يريد أن يذهب إلى
السوق؛ من أجل أن يبيع، ويشتري، ويطلب الرزق.
وهذا شيء مؤقت، حتى
تزول الحاجة التي بالمهاجرين، ثم تنتهي، فواسوهم في الأموال والمساكن، والميراث
-أيضًا-، فكانوا يتوارثون في أول الهجرة، فإذا مات الأنصاري، يرثه أخوه المهاجر،
وإذا مات المهاجر، يرثه أخوه الأنصاري.
إلى أن جاءت غزوة بدر، وأعز الله عز وجل المسلمين، وأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: ﴿وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ﴾ [الأنفال: 75]، فجعل الإرث للقرابة فقط، ونُسخ ما كان من قبل من التوارث بين المهاجرين
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2048).