×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

ولا ريب أن الأمر المطلق بالجهاد بعد الهجرة.

السادس: أن الحاكم روى في «مستدركه» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، بإسناد على شرطهما قَالَ: «لَمَّا أُخْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، لَيَهْلِكُنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل قَوْلُهُ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ [الحج: 39]، وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ ([1]).

*****

أما الأمر الخاص -وهو الجهاد باللسان-، فهذا في مكة، قال تعالى: ﴿وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا[الفرقان: 52].

سنة الله جل وعلا في الأمم أن النبي إذا خرج من قومه، فإن الله يهلك قومه، أما ما دام فيهم، فإن الله عز وجل يدفع عنهم العذاب، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ[الأنفال: 33]

فوجود النبي في أمته هذا أمانة لهم من العذاب العام، وخروجه من بينهم هذا مؤذن بإهلاكهم.

فقول أبي بكر رضي الله عنه هذا من فقهه.

قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ [الحج: 39]، الباء هنا سببية، أي: بسبب أنهم ظُلِمُوا.


الشرح

([1] أخرجه: الترمذي رقم (3171)، والنسائي رقم (3085)، والحاكم رقم (2376).