ولا ريب أن الأمر
المطلق بالجهاد بعد الهجرة.
السادس: أن
الحاكم روى في «مستدركه» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، بإسناد على شرطهما
قَالَ: «لَمَّا أُخْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ، قَالَ
أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ، لَيَهْلِكُنَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ عز وجل قَوْلُهُ: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ﴾ [الحج:
39]، وَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقِتَالِ ([1]).
*****
أما الأمر الخاص
-وهو الجهاد باللسان-، فهذا في مكة، قال تعالى: ﴿وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا﴾ [الفرقان: 52].
سنة الله جل وعلا في
الأمم أن النبي إذا خرج من قومه، فإن الله يهلك قومه، أما ما دام فيهم، فإن الله
عز وجل يدفع عنهم العذاب، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمۡ وَأَنتَ فِيهِمۡۚ وَمَا كَانَ
ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33]
فوجود النبي في أمته
هذا أمانة لهم من العذاب العام، وخروجه من بينهم هذا مؤذن بإهلاكهم.
فقول أبي بكر رضي
الله عنه هذا من فقهه.
قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ﴾ [الحج: 39]، الباء هنا سببية، أي: بسبب أنهم ظُلِمُوا.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (3171)، والنسائي رقم (3085)، والحاكم رقم (2376).