فانظر إلى كرم الله
سبحانه وتعالى؛ لأن الأموال والنفوس ملكٌ لله سبحانه وتعالى، فاشتراها من عباده،
مع أنها ملكه.
ثم إنه سبحانه
وتعالى رد عليهم أنفسهم وأموالهم في الجنة، ورزقهم حياة لا تنقطع، قال تعالى: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ
ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ
رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169].
فعوضهم سبحانه
وتعالى عن أنفسهم وأموالهم بالجنة، ووهبهم حياة لا تنقطع، ولا تزول، فهذا من كرمه
سبحانه وتعالى مع عباده؛ أنه يشتري منهم شيئًا هو ملكه، ويعوضهم عليه عوضًا لا
تحيط به العقول، ولا تدركه الأنفس، وهو الجنة، وما فيها من النعيم، وما فيها من
السرور، وما فيها من الخلود. وهم إنما بذلوا أنفسًا ذاهبة، وأموالاً ذاهبة -أيضًا-،
فعوضهم بها شيئًا لا يزول، ولا يفنى، ولا يبيد، ولا يحاط به، هذا من كرمه سبحانه
وتعالى.
ثم بين أن النبي صلى
الله عليه وسلم فعل شيئًا من ذلك مع جابر بن عبد الله بن حرام رضي الله عنهما،
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من جابر جملاً - وهم في الطريق إلى
المدينة-، واشترط عليه جابر أن يحمل عليه متاعه إلى المدينة، فهذا فيه جواز البيع
والشرط، الذي لا ينافي مقتضى العقد.
ثم إنهم لما قدموا
إلى المدينة، أتى جابر بالبعير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وسلمه إياه،
والرسول صلى الله عليه وسلم سلم جابرًا الثمن، ونقده له، ثم إنه صلى الله عليه
وسلم رد عليه البعير والثمن؛ تكرمًا منه صلى الله عليه وسلم، فهذا يشبه ما جاء في
هذه الآية.
ثم أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم جابرًا عن مصير والده؛ لأن والده عبد الله بن حرام رضي الله عنه استشهد في وقعة أحد، والله جل وعلا كلمه كفاحًا -أي: بدون