وأيده الله بنصره
وبالمؤمنين،
*****
﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ﴾ فالنفوس تكره
الجهاد بطبعها؛ لما فيه من القتل والجراح.
ثم قال تعالى: ﴿وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ
شَيۡٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 216].
والجهاد يكون
باللسان؛ بالدعوة وإقامة الحجة، ويكون باليد، ويكون بالمال -كما يأتي-. الجهاد
باللسان أمر الله رسوله به، وهو في مكة، قال تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا﴾ [الفرقان: 52].
فقوله: ﴿وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ﴾؛ أي: بالقرآن؛ بدحض
حججهم، ورد باطلهم، ومجادلتهم، فهذا فُرِضَ في مكة. وأما الجهاد باليد والجهاد
بالمال، فهذا فُرض بالمدينة.
هذا يدل على أن
الداعي إلى الله عز وجل، الذي يدعو إلى الله لا بد من أن يجد من يحميه وينصره، ولا
يغامر، ويأخذ السلاح، أو أنه يقاتل الناس، وليس له نصير ولا ولي، هذا لا يجوز.
فالرسول صلى الله
عليه وسلم لم يحمل السلاح، إلا عندما وجد الدار، ووجد الأنصار، حينئذ أمره الله
سبحانه وتعالى بالجهاد.
وأما قبل ذلك يوم أن كان في مكة، كان صلى الله عليه وسلم منهيًّا عن الجهاد، ومأمور بالصبر، فكان الجهاد محرمًا، وهو في مكة، الجهاد باليد كان حرامًا؛ لأنه لو قاتل وهو في مكة بين المشركين، وليس له مناصر، لقتله المشركون، وقضوا عليه، فالجهاد لا بد له من دولة، لا بد من إمام، لا بد من دار تؤويه، لا بد من أنصار.