وشمروا لهم عن
ساقِ العداوة، وصاحُوا بهم من كل جانبٍ، والله تعالى يأمرهم بالصبر والعفو والصفح،
حتى قويت الشوكة، واشتد الجناح، فأُذن لهم حينئذ في القتال، ولم يفرضهُ عليهم.
*****
من غلام قريش، عادوه
جميعًا، حتى قيض الله له الدار والأنصار.
وكان أشد الناس
عداوة له اليهود، قال تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَٰوَةٗ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْۖ﴾ [المائدة: 82]، فهم
أشد من المشركين عداوة للمؤمنين، مع أنهم أهل كتاب، ولكن أعرضوا عن كتابهم، ولم
يؤمنوا به، فعادوا الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أكثر من عداوة الوثنيين
والمشركين، وهذه العداوة عن علم، وليست عن جهل، كثير من المشركين أو بعضهم
معاداتهم للمؤمنين عن جهل، لكن هؤلاء معاداتهم عن علم -والعياذ بالله-.
هذا في مكة، يأمر
الله بالصبر والعفو والصفح، ويمنعهم من القتال: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمۡ كُفُّوٓاْ أَيۡدِيَكُمۡ
وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ﴾ [النساء: 77]. هذا
كان في مكة، فقد كانوا منهيين عن القتال وكان القتال محرمًا؛ لأنه يؤدي إلى نتيجة
أسوأ، ويجر إلى ضرر أعظم.
قال تعالى: ﴿خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ
بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199].
تدرج: أولاً إذن، ثم أمر بقتال من قاتل، ثم أمر بقتال الجميع.