وكان السوط يسقط
من يد أحدهم، فينزل، فيأخذه، ولا يقول لأحد: ناولني إياه ([1]).
وكان صلى الله عليه وسلم يشاور أصحابه في الجهاد، ولقاء العدو،
*****
وفاء بالبيعة واستغناء
عن الناس، مهما أمكن الاستغناء عن الناس، فإنك تستغني إلا في مسائل العلم؛ فمسائل
العلم ينبغي أن تسأل العلماء، وهذا يحمد عليه السؤال؛ قال تعالى: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ أَهۡلَ
ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وأما السؤال
في أمور الدنيا، فإن الأفضل للإنسان ألا يسأل الناس شيئًا.
كان الرسول صلى الله
عليه وسلم يستشير أصحابه، فهذا فيه فضل المشورة، لاسيما في أمور الجهاد.
قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ
لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ
فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾ [آل عمران: 159].
فقوله: ﴿وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ﴾ فالمشورة في الجهاد فيها مصالح كثيرة، منها تطييب خواطر الجنود؛ كما أن الذين يستشارون هم أهل الرأي والقادة في الحرب، يؤخذ رأيهم في ذلك، ويستشيرهم -أيضًا- في المنازل المناسبة؛ لأن عندهم خبرة في الطرق، وفي المنازل، وفي المياه، فيستطلع آراءهم في ذلك؛ لما في ذلك من المصلحة؛ كما استشارهم في وقعة بدر، استشارهم على الحرب، استشارهم في المنزل، فكان في ذلك الخير الكثير للمسلمين، والنصر للمسلمين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1043).