وكان يبعث العيون
يأتونه بخير عدو، ويطلع الطلائع، ويبيت الحرس ([1]).
*****
أنه يريد كذا، بينما هو يظهر خلاف هذا.
كان صلى الله عليه
وسلم يبعث العيون - أي: الطلائع - الذين يسبرون العدو وأحواله، وينظرون كثرة جيشه
أو قلته، أو ضعفهم أو قوتهم، يأتونه بأخبار العدو؛ لأن هذا من فعل الأسباب
النافعة.
كان صلى الله عليه
وسلم إذا نزل، يبث الحرس حول العسكر؛ من أجل أن يحرسوا العسكر في الليل إذا ناموا،
ولهم أجر عظيم؛ كما جاء في الحديث: «عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ:
عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ» ([2]).
فكانوا يحرصون على أن يقوموا بهذه المهمة، وهي الحراسة، ولا ينامون ويتركون المكان بدون حراسة؛ لأن هذا من الإهمال، واتخاذ الحراسة من اتخاذ الأسباب، فلا يقال: إن هذا النبي، وإن هؤلاء المسلمون، ولن يُغيرَ علينا أحد. بل عليه أن يتخذ الأسباب، فهذا فيه اتخاذ الأسباب النافعة، مع التوكل على الله سبحانه وتعالى، فلا بد من الجمع بين الأمرين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1901).