×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قتل جاسوسًا من المشركين ([1])، ولم يقتل حاطبًا ([2])،

*****

هذه مسألة قتل الجاسوس، وهو الذي يتحسس أخبار المسلمين، ويبلغها إلى الكفار، هذا الجاسوس يقتل إذا كان كافرًا، هذا لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في الجاسوس المسلم: هل يقتل أم لا يقتل؟ هذا هو موضع الخلاف.

أما الجاسوس المسلم، فلا يقتل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه لما جس على المسلمين، فأخبر أهل مكة بغزو الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخفى ذلك، وتكتم ذلك.

فاجتهد حاطب رضي الله عنه، وظن أن هذا لن يضر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو ينفعه عند الكفار، ففعل هذا متأولاً ومجتهدًا، فعذره النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضًا حاطب رضي الله عنه ممن شهد بدرًا، ومن المعلوم أن أهل بدر لهم فضل يكفر الله به ما يقع منهم من الأخطاء.

لما قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ».

فحاطب بن أبي بلتعة مغفور له رضي الله عنه بسبب أنه من أهل بدر، وأيضًا لأنه متأول ومجتهد، ولكنه مخطئ في هذا، ولم يفعل هذا الفعل نفاقًا، ولا شكًا وترددًا، وإنما فعل هذا ظنًا أنه ينفع، ولا يضر الرسول صلى الله عليه وسلم،


الشرح

([1] كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (3051)، ومسلم رقم (1754).

([2] كما في الحديث الذي أخرجه: البخاري رقم (3007)، ومسلم رقم (1754).