وقال صلى الله
عليه وسلم: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ
الْمُشْرِكِينَ». قيل: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلِمَ ؟ قَالَ: «لاَ تَرَاءَى
نَارَاهُمَا» ([1]).
وقال صلى الله
عليه وسلم: «مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ» ([2]).
وقال صلى الله
عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ
تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ([3]).
*****
قيل: لم تبرأت -يا
رسول الله- ممن يقيم بين أظهر المشركين؟ فعلل صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: «لا
تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا»؛ أي: لا يتقاربان، بحيث إنه إذا أوقد المسلم نارًا،
يراها المشركون، وإذا أوقد المشركون نارًا يراها المسلم، بل يبعد عنهم في
الاستيطان.
قوله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ»؛ أي: اجتمع معه في المكان.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«وَسَكَنَ مَعَهُ»؛ سكنى دوام واستقرار.
وقوله صلى الله عليه وسلم:
«فَهُوَ مِثْلُهُ»؛ مثله في الكفر، ويساويه، وهو لا يكفر، لكن هذا من باب
الوعيد الشديد عليه، ولأنه ربما ينحرف عن دينه بسبب إقامته مع المشركين.
هذا الحديث فيه دليل على أن الهجرة باقية ومطلوبة من المسلم إلى آخر الزمان، وأما حديث: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ»، فهذا خاص بمكة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (2645)، والترمذي رقم (1604).