وقد عقد صلى الله
عليه وسلم الصلح مع الكفار في غزوة الحديبية، فكان هذا الصلح فتحًا عظيمًا للإسلام
وللمسلمين: ﴿إِنَّا
فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا﴾ [الفتح: 1].
هذا الفتح هو الصلح،
وسماه الله عز وجل فتحًا؛ لما ترتب عليه من المصالح العظيمة، فيجوز عقد الصلح مع
الكفار، إذا رأى ولي الأمر المصلحة في ذلك، وإذا عقد الصلح معهم، فلا يجوز الغدر
بهم، أو نقض العهد، بل يجب الوفاء به: ﴿وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ﴾ [النحل: 91].
وأيضًا جاء في
الحديث: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ
رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا» ([1]).
وفي رواية: «أَلاَ
مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَقَدْ خَفَرَ
ذِمَّةَ اللَّهِ، وَلاَ يَرَحْ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ
مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» ([2])، فهذا وعيد شديد،
وقال تعالى: ﴿وَلَا
تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ﴾ [الإسراء: 33]،
فالنفس التي حرم الله هي نفس المؤمن ونفس المعاهد.
وقد أوجب الله عز
وجل في قتل المعاهد خطأ ما أوجبه في قتل المسلم خطأ من الدية والكفارة.
قال تعالى: ﴿وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ﴾ [النساء: 92].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).