ووفائه بالعهد.
ثبت عنه صلى الله
عليه وسلم أنه قال: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ،
*****
وفي قوله: «في هديه في
الأماني، والصلح، ومعاملة رسل الكفار، وأخذ الجزية، ومعاملة أهل الكتاب» ذكر
الكفار أولاً، ثم ذكر أهل الكتاب؛ لأن أهل الكتاب يختصون بأحكام عن بقية الكفار.
قوله: «ووفائه
بالعهد»؛ وفاء النبي صلى الله عليه وسلم، الرسول لا يغدر أبدًا، يفي بالعهد،
وإذا خاف من الكافر أن يغدر، فإنه ينبذ إليه عهده.
قال تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن
قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ
ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58]، لا ينهي العهد إلا بالإعلان، يعلن،
ويقول: سننقض العهد معكم، وسننهي العهد معكم، لا يخونهم غدرًا، وإن فعلوا ما
فعلوا، لا يبادرهم ويخونهم، بل يعلن هذا لهم.
وإذا قرأت أول سورة
براءة، عرفت هذا، قال تعالى: ﴿بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ إِلَى ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم
مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١ فَسِيحُواْ
فِي ٱلۡأَرۡضِ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّكُمۡ غَيۡرُ مُعۡجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ
مُخۡزِي ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [التوبة: 1- 2]؛ أعطاهم مهلة أربعة أشهر، وبعدها
يقاتلهم.
وقال تعالى: ﴿فَإِذَا ٱنسَلَخَ
ٱلۡأَشۡهُرُ ٱلۡحُرُمُ﴾ [التوبة: 5]، المراد بالأشهر الحرم هنا: المدة التي
ضربها لهم، وليست الأشهر الحرم الأربعة.
قوله: «ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ»؛ أي رجل أو امرأة إذا أعطى الأمان لأحد من الكفار، فإنه يحترم، ولا يغدر به.