×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثاني

ثم أنزل عليه قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُدَّثِّرُ ١ قُمۡ فَأَنذِرۡ [المدثر: 1- 2]. فأرسله بها،

*****

فإن كان هذا الذي أُعلم به شريعة، فهو وحي شرعي، وإن كان هذا الذي أُعلم به ليس شرعًا، فهو إلهام، هذا يسمى وحي الإلهام؛ مثل:

قوله تعالى: ﴿وَأَوۡحَىٰ رَبُّكَ إِلَى ٱلنَّحۡلِ [النحل: 68] أي: ألهمها.

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ [القصص: 7]؛ أي: ألهمناها ذلك، وليس هذا بوحي تشريع.

فالوحي هو الإعلام بسرعة وخفاء، وهو على قسمين:

النوع الأول: وحي شرعي.  النوع الثاني: وحي إلهامي، وليس بشرعي.

لما قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم، أمره الله بالإنذار، قال تعالى: ﴿قُمۡ فَأَنذِرۡ [المدثر: 2]، فدل هذا على أن الداعي لا بد أن يقوم، وأن يذهب إلى الناس، وأن يدعوهم إلى الله عز وجل، ولا يجلس في مكانه، ويقول بأنه يدعو إلى الله، هذا لا يصلح؛ إذ لا بد له من يذهب للناس؛ يدعوهم، ويعلمهم.

أرسله بسورة المدثر؛ «نُبئ بـ ﴿ٱقۡرَأۡ[العلق: 1]، وأرسل بالمدثر».

قوله: ﴿قُمۡ فَأَنذِرۡ [المدثر: 2]؛ أي: أنذر الناس.

وقوله: ﴿وَرَبَّكَ فَكَبِّرۡ [المدثر: 3]؛ أي: عظمه سبحانه وتعالى. وقوله: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرۡ [المدثر: 4]؛ أي: نزه أعمالك من الشرك، وثيابك من النجاسة.


الشرح

([1])  قال ابن فارس في مقاييس اللغة (6/93): (الواو والحاء والحرف المعتل: أصل يدل على إلقاء علم في إخفاء أو غيره إلى غيرك). و انظر: العين (3/320)، وتهذيب اللغة (5/192)، والصحاح (6/2520)، ولسان العرب (15/379).