ثم أمره أن ينذر
عشيرته الأقربين،
*****
وقوله: ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ﴾ [المدثر: 5]، الرجز
أي: الأصنام، أي: اتركها، وابتعد عنها ([1]).
بدأ صلى الله عليه
وسلم بالدعوة على مراحل:
أولاً: أُمر أن ينذر
عشيرته الأقربين؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214].
فصعد على الصفا،
ونادى، فاجتمع عليه أقرباؤه من قريش، فدعاهم إلى الله عز وجل، وأنذرهم، وهذا دليل
على أن الداعي ينبغي أن يبدأ بأقرب الناس إليه أولاً؛ فلا يذهب إلى الأبعد، ويترك
أقرباءه، وأهل بيته، وجيرانه، وبلده، ويذهب إلى الآخرين؛ فإن أول شيء يبدأ به هو
الأقربون منه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214].
ثم أمره سبحانه
وتعالى أن يدعو الذين يلون الأقربين من العرب، ثم أمره أن يدعو العرب كافة، ثم
أمره أن يدعو العالم كله؛ مراحل شيئًا فشيئًا، فهذه مراحل الدعوة.
أما الذين يتركون بلدهم وأهلهم، ويذهبون، ويطلقون عليه الخروج في سبيل الله، يذهبون إلى قارات أخرى، ويتركون بلدهم فيه الوثنية، فيه الصوفية، فيه القبورية، يتركونهم، ويذهبون إلى بلاد أخرى من أجل الدعوة، أين تدعو؟! الأقرب منكم أحوج وأولى بكم من هؤلاء.
([1]) انظر في تفسير هذه الآيات: تفسير الطبري (23/400 - 412)، وزاد المسير (4/359 - 360)، والقرطبي (19/59 - 67)، وابن كثير (8/261 - 264).