وأضل
سعد، وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما، فتخلفا في طلبه، ونفذوا إلى بطن نخلة، فمرت بهم
عير لقريش، فقالوا: نحن في آخر يوم من رجب، وإن تركناها الليلة، دخلوا الحرم،
*****
أخبارهم، ويأتي بخبرهم إلى الرسول صلى الله عليه
وسلم، فأرسل هذه السرية، وأعطى أميرها عبد الله بن جحش كتابًا، وأمره ألا ينظر فيه
حتى يسير يومين، فلما سار عبد الله بن جحش يومين، فتح الكتاب فنظر، فإذا فيه: «إذا
نظرت في كتابي هذا، فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف، فترصد بها قريشًا، وتعلم
لنا من أخبارهم» ([1]).
فمضى رضي الله عنه
ومعه أصحابه من المهاجرين، وحصل ما حصل من الخطأ في القتل في الشهر الحرام، وأصاب
هذه السرية الندم الشديد على ما فعلوا، إلى أن أنزل الله سبحانه وتعالى قوله: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ يَرۡجُونَ
رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾ [البقرة: 218]،
ففرحوا بذلك، وسروا بهذا الفرج، وأن الله غفر لهم، وأن الله عذرهم، وأن الله رد
على أعدائهم.
أي: وقعوا بين
أمرين: أن يقاتلوهم في آخر شهر رجب -وهو من الأشهر الحرم-، وإن لم يقاتلوهم،
تمكنوا من الدخول في الحرم، ولا يجوز القتال في الحرم.
فبينما هم كذلك، إذ رمي رجل من المسلمين، فأصاب رجلاً من المشركين، يقال له: عمرو بن الحضرمي، فقتله، وحصل ما حصل.
([1]) انظر سيرة ابن هشام (1/602)، والطبري في تفسيره (3/650).