جُبْران، وأيضًا سُمِّيَ تَمَتُّعًا؛ لأنه
يتمتَّع مَا بين العُمْرَة والحَجِّ بالتحلُّل من إحرامه.
النسك الثاني:
القِران:
وهو أن يقرن بين
الْحَجِّ والعُمْرَة من المِيقَات بِنِيَّةٍ واحدةٍ؛ أو يُحْرِم بالعُمْرَة، ثم
يُدْخِل عليها الحجَّ قبل الشروع فِي طَوَاف العُمْرَة، فيكون قَارِنًا؛ وتدخل
العُمْرَة فِي الحج، فتكون أعمال الْحَجِّ أعمالاً للحَجِّ وللعُمْرَة، فيَطُوف
لهما طَوَافًا واحدًا، ويسعى لهما سعيًا واحدًا لِحَجِّه وعُمْرَتِهِ، ويَذْبَحُ
هَدْيًا مثل المُتَمَتِّع؛ لأنه أتى بِنُسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ واحدٍ؛ لأن القِران
فِي الحقيقة يُسمَّى تَمَتُّعًا أيضًا؛ لأنه جَمَعَ بين نُسُكَيْنِ فِي سَفَرٍ
واحدٍ، لكن لم يَفْصِلْ بينهما بتحلُّلٍ.
هذا هو القِران،
وهذا هو الَّذِي أَحْرَمَ به النبيُّ؛ لأنه قد سَاقَ الهَدْيَ من المدينة، ومن ساق
الهَدْيَ من الحِلِّ، فإنه يَجِب عَلَيْهِ أن يُحْرِمَ قارنًا؛ لِقَوْلِهِ
تَعَالَى: ﴿وَلَا
تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ﴾ [ص: 196]؛ يعني:
وقت نَحْرِهِ فِي يوم النَّحْرِ، ومكان نَحْرِهِ فِي الحَرَم، فالنبيُّ أَحْرَمَ
قَارِنًا؛ لأنه سَاقَ الهَدْيَ، وأمر من لم يَسُقِ الهَدْيَ مِنْ أصحابه أن
يُحَوِّلوا إحرامَهم إلى تَمَتُّعٍ بعدما طَافُوا وسَعَوْا، وكان منهم المُفْرِد،
ومنهم القَارِن، لكن لم يَسُوقُوا الهَدْيَ، فأمرهم أن يُحِلُّوا من إحرامهم، وأن
يَحْلِقُوا رؤوسهم، وأن يتحوَّلوا إلى التَّمَتُّع.
وقال صلى الله عليه وسلم: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، وَلَأَحْلَلْتُ مَعَكُمْ» ([1])، فبيَّنَ أن الَّذِي مَنَعَهُ من التَّمَتُّع إنما هو سَوْقُ الهَدْيِ، وتَمَنَّى أَنَّهُ لم يَسُقْهُ، وأنه أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا، فدَلَّ عَلَى أن التَّمَتُّع
([1])أخرجه: البخاري رقم (1651)، ومسلم رقم (1211).