القوم أقوى من الغزلان؛ فغاظهم ذلك، ورأوا قوة
الصحابة وقوة الرسول.
فهذا دليل عَلَى أن
المسلمين يَجِب عليهم ألاَّ يضعفوا أمام عدوهم، وإنما عليهم أن يُظْهِرُوا
القوَّةَ أمامه مهما أَمْكَنَهُمْ ذلك، قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ
وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ
يَعۡلَمُهُمۡۚ﴾ [الأنفال: 60].
فبقي الرَّمَلُ
سُنَّةً مستمرةً إلى يوم القيامة، وإن زال العُذْرُ والسَّبَبُ، لكن بَقِيَ
الرَّمَلُ سُنَّةً مستمرةً إلى أن تقوم الساعة، فنحن نرمُل اقتداءً بالنبي؛ لأنه
رَمَلَ هو وأصحابه فِي حجة الوداع بعد عُمْرَة الحديبيةِ، فدلَّ عَلَى بقاء
الرَّمَل، وهذا يُذكِّر بحالة الرسول وأصحابه، والمسألة اقتداءٌ واتباعٌ، فنحن
نفعل هذا الرَّمَلَ إِذَا تَمَكَّنَّا منه.
ثالثًا: الدعاء:
ومن سُنَنِ
الطَّوَاف الدُّعاء فِي أثنائه، فالطَّائفُ لا يسكت، بل يدعو، أو يقرأ القرآن أو
يذكر الله بالتهليل والتكبير والتسبيح؛ لأنه فِي عبادة، فيشغلها بذكر الله عز وجل،
إما بأن يقرأ القرآن، أو يدعو لنفسه وللمسلمين، أو يُسبِّح ويُكبِّر ويُهلِّل، فيشغل
الطَّوَاف بالذِّكْر، ولو طَافَ ولم يَذْكُر الله، ولم يَدْعُ، وكان صامتًا من أول
الطَّوَاف إلى آخره، صَحَّ طَوَافُهُ، وإنما تَرَكَ سُنَّةً من سُنَنِ الطَّوَاف،
لكن مَا يَفْعَلُهُ الحُجَّاجُ الآن أنهم يلتزمون أدعيةً مُعيَّنةً ويأخذون معهم
كتبًا ويقرؤون منها الدعاء. هذا لا يتعيَّن، فلو دعا بغير مَا فِي هَذِهِ الكتب
لصَحَّ.
وأَشَدُّ من ذَلِكَ أنهم يَدْعُونَ جماعيًّا، ويرفعون أصواتهم جماعيًّا، وربما يقرأ الدعاءَ واحدٌ والبقيَّةُ يُردِّدون مَا يقوله، وهم لا يعرفون معنى