×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وقال تعالى: ﴿وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [الأعراف: 158].

وقال: ﴿وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ [النور: 56].

فهؤلاءِ كَذَبُوا فِي قولِهم: نعملُ بالقُرآنِ! فَهُم لمْ يعمَلُوا بالقرآنِ، لمَّا عَطَّلُوا السُّنَّةَ.

وأيضًا فالقرآنُ فيه مُجْملاتٌ، والسُّنَّةُ هي التي تُبيِّنُها وتُفصِّلُها، والله جل وعلا يقول لِنَبِيِّهِ: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ [النحل: 44]، فالسُّنَّةُ لها ارتباطٌ وثيقٌ بالقُرآنِ؛ لأنَّها بيانٌ له وتوضيحٌ، وهي تفصيلٌ لِمُجْمَلِه، وتقييدٌ لمُطلَقِه. وقد يُنسَخُ القرآنُ بالسُّنَّةِ، والسُّنَّةُ بالقرآنِ، والقرآنُ بالقرآنِ والسُّنَّةُ بالسُّنَّةِ، فلا بُدَّ مِن هذه المطالبِ العظيمةِ.

وَبِهذا يُعلَمُ مَنزِلةُ السُّنَّةِ مِنَ القُرآنِ ومكانَتُها فِي الإسلامِ.

وهؤلاءِ الذين يُعرِضُونَ عَنِ السُّنَّةِ قدْ أَخْبَرَ عنهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وحَذَّرَ مِنهم؛ فقالَ: «أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدِّثُ بِحَدِيثٍ مِن حَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتابُ اللهِ عز وجل، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرامٍ حَرَّمْناهُ! أَلا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ» ([1]).

وَكذا قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: «أُوتِيتُ القُرْآنَ وَمِثْلَهُ مِعَهُ» يعني: السُّنَّة.

وقال تعالى: ﴿وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ [النساء: 113].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4604)، والترمذي رقم (2664)، وابن ماجه رقم (12)، وأحمد رقم (17174).