وقال: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ
ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ﴾ [آل عمران: 164]، فالكتابُ
هو القرآن، والحِكْمَةُ هي السُّنَّة.
فالسُّنَّةُ لا
بُدَّ مِنها، وهيَ الأصلُ الثَّانِي من أصولِ الأدلَّةِ المُجْمَعِ عليها.
ولا عِبرةً بخلافِ هؤلاءِ
الَّذِينَ يُعرِضُونَ عنها؛ لأنَّهُمْ إمَّا خوارِجُ، أو جُهَّالٌ، أو
مُتعالِمُونَ، أو لهُم أغراضٌ سَيِّئَةٌ يُريدونَ إِطفاءَ الدِّينِ شَيئًا
فَشيئًا، فلا يُعتَدُّ بِخلافِهم، ولا يُنظَرُ إلى قولِهم، بل يُؤخَذُ بالسُّنَّةِ
الصَّحيحةِ: سواءً فِي الفُروعِ أو فِي الأصولِ.
وَلا يُعتَدُّ
بقولِهم: أخبارُ الآحادِ، لا يُؤخَذُ بها فِي العقائدِ إنَّما يُؤخَذُ بها فِي
الفُروعِ؛ لأنَّها أدِلَّةٌ ظَنِّيَّةٌ!!
نقولُ: ظَنِّيَّةٌ
عِندكُم، أمَّا عِندَ أهْلِ الإيمانِ فَهِيَ ليستْ ظَنِّيَّةً، بلْ هِيَ تُفيدُ
اليَقينَ، ما دامَتْ صَحَّتْ عَن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فهِيَ تُفيدُ العِلْم،
وليستْ ظَنِّيَّةً، فيُؤخَذُ بها فِي العقائدِ والمُعاملاتِ، وفِي غيرِها.
الأصلُ الثَّالِثُ: الإجماعُ، ودَلِيلهُ قولُه تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115]، وقوله: «لاَ يَجْمَعُ اللهُ أُمَّتِي عَلَى ضَلاَلَةٍ» ([1])، فالإجماعُ القَولِيُّ حُجَّةٌ قاطِعَةٌ، أمّا الإجماعُ السُّكوتِيُّ فإنَّهُ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ؛ لأنَّهُ قد يكونُ هناكَ مُخالِفٌ، ولم يَتبيَّنْ، ولكِن إذا قالَ العُلَماءُ كُلُّهم قوَلاً، وأجْمَعُوا عليه، ولم يُخالِف فيهِ أحَدٌ، فهو حُجَّةٌ قاطِعَةٌ.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4253)، الترمذي رقم (2167)، وابن ماجه رقم (3950)، والطبراني فِي ((الكبير)) رقم (3440)، فِي ((المستدرك)) (1/ 200)،