الرَّابِع: القِياسُ: وهو إلحاقُ الفرعِ
بالأصلِ فِي الحُكمِ لِعِلَّةٍ تَجمعُ بينَهُما. وهو ما يُسمُّونَهُ «قِياس
العِلَّةِ»، وقد قال به جُمهورُ أهل العِلْم، وأنكرَهُ الظَّاهريَّةُ، وبعضُ
الحنابِلَةِ، وطوائفُ قليلةٌ مِن أهْلِ العِلْمِ، ولكنَّ جُمهورَ الأُمَّةِ عَلَى
القولِ بالقياسِ، وهو دليلٌ صحيحٌ إذا توفَّرتْ شُروطُه المَذكُورةُ فِي كُتُبِ
الأصولِ.
تَبْقَى عِدَّةُ
أصولٍ، مثل: قول الصَّحابِيِّ، ومثل: استِصْحاب الأصْل، هذه أمور اختلفَ
العُلَماءُ فيها، والخلافُ فيها قويٌّ.
أمَّا الخلافُ فِي
القياسِ فهو خلافٌ ضعِيفٌ، والجمهورُ عَلَى الاحتجاجِ بالقياسِ، ولكنَّ الإمامَ
أحمدَ يقولُ: «القِياسُ يُذْهَبُ إِلَيهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ» ([1])، مثل: المَيْتَة؛
حيثُ يُذْهَبُ إليها عندَ الضَّرورةِ، فإذا وُجِدَ النَّصُّ فِي كتابِ اللهِ أو
سُنَّةِ رَسُولهِ صلى الله عليه وسلم فلا حاجةَ إلى القياسِ، فإن لم يُوجدْ
يُذْهَبُ إلى القياسِ مِن بابِ الضَّرورَةِ.
فقَولُ النَّاظِم رحمه الله تعالى:
|
وَدِنْ
بِكِتَابِ اللهِ وَالسُّنَنِ الَّتِي
|
|
أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ تَنْجُو وَتَرْبَحُ
|
يَعنِي: اجعلْ دِينَكَ مأخُوذًا عَن كتابِ الله عز وجل وسُنَّةِ رسُولِه صلى الله عليه وسلم، وهي الأحاديثُ الصَّحِيحةُ، أمَّا ما جاءَ عنْ غيْرِه: فيُنْظَر فيهِ، فإنْ وافَقَ الكِتابَ والسُّنَّةَ أُخِذَ به، وإن خالفَ الكتابَ والسُّنَّةَ فإنَّهُ يُردُّ عَلَى صاحبِهِ. والأئِمَّةُ يُوصونَ بهذا.
([1]) أخرجه: البيهقي فِي المدخل إلى السنن الكبرى (ص 204)، والذهبي فِي ((السير)) (10/ 77).