فهذهِ السُّورةُ
خُلِّصَتْ بالقِسمِ الأوَّلِ، وهوَ الإخبارُ عنِ اللهِ جل وعلا، فهيَ في
التَّوحيدِ، ولذلكَ صارَتْ تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ في الفَضْلِ ([1])؛ لأنَّها خُلِّصَتْ
بتَوحيدِ اللهِ عز وجل، هذا وَجهُ تَسمِيَتِها بسورةِ الإخلاصِ.
وفيها نفْيٌ وإثْباتٌ،
نَفْيُ النَّقائصِ عنِ اللهِ، وإثباتُ الكَمالاتِ له جل وعلا: ﴿ قُلۡ
هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]: هذا إثباتٌ: ﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ [الإخلاص: 2]: هذا
إثباتٌ.
﴿ لَمۡ
يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣ وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ
كُفُوًا أَحَدُۢ ٤﴾ [الإخلاص: 3- 4]: هذا نَفْيٌ.
فَنَفَى عنهُ النَّقصَ، وأثْبَتَ له الكَمالَ.
قوْلُه: ﴿ٱللَّهُ
أَحَدٌ﴾ يعني: هوَ واحِدٌ
لا شَريكَ لهُ في رُبوبيَّتِه، ولا في إلَهِيَّتِه، ولا في أسمائِه وصِفاتِه. فهوَ
واحِدٌ في أنواعِ التَّوحيدِ الثَّلاثةِ.
وقوْلُه: ﴿ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ﴾ أي: الَّذي تَصْمُدُ
له الخَلائقُ، وتَطلُبُ منهُ حَوائِجَها.
ثم نَفَى، فقالَ: ﴿لَمۡ
يَلِدۡ﴾ يعني: ليسَ لهُ
ولَدٌ، فهوَ - سُبحانَه - مُنزَّهٌ عنِ الوَلدِ.
· وهذَا رَدٌّ على الَّذينَ أَثْبتوا
الوَلَدَ للهِ، وهُم:
النَّصارَى، حيثُ
قالوا: المَسيحُ ابنُ اللهِ.
ورَدٌّ على اليَهودِ الَّذينَ قالوا: عُزيرٌ ابنُ اللهِ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5013)، ومسلم رقم (812).