×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة


إِلَى طَبَقِ الدُّنْيا يَمُنُّ بِفَضْلِهِ

 

فَتُفْرَجُ أَبوابُ السَّمَاءِ وَتُفْتَحُ

*****

 وكذلكَ يَنزلُ الجبَّارُ عَشيَّةَ عَرفَةَ، فيُباهِي بِعبادِه المَلائِكَةَ، ويقولُ: «انظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا، مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» ([1]).

هذا - أيْضًا - نَوعٌ آخَرٌ منَ النُّزولِ، يَنزِلُ ربُّنا عَشيَّةَ عرفَةَ إلى السَّماءِ الدُّنيا؛ كما أنَّه يَنزلُ كلَّ ليلَةٍ من ليالِي السَّنةِ حِينَ يَبقَى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخَرِ، وهذا مِن لُطْفِه بِعبادِه - سُبحانَه - ورَحْمَتِهِ بهم.

قوْلُ النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «جلَّ»: يعني تَعاظَمَ قَدْرُه وشَأْنُه عن أن نُكَيِّفَ أو نعلَمَ كَيفيَّةَ أسمائِهِ وصِفاتِهِ، ومنها النُّزولُ، فنحنُ نُثبِتُ النُّزولَ ولا نَبحَثُ عنِ الكَيفيَّةِ؛ كسائِرِ الصِّفاتِ، فالنُّزولُ مَعلومٌ وأمَّا الكَيفُ فهوَ مَجهولٌ؛ كما قالَ مالكٌ رحمه الله تعالى في الاسْتواءِ: «الاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، والْكَيْفُ مَجْهُولٌ»([2])، وهذا في سائِرِ الصِّفاتِ.

قوله: «الواحد»: الواحِدُ من أسماءِ اللهِ جل وعلا، فهُوَ - سُبحانه - الواحِدُ الأحَدُ، الَّذي لا شَريكَ له في ذاتِه، ولا في أسمائِه وصِفاتِهِ، ولا في أفعالِهِ، ولا في عِبادَتِه جل وعلا.

قوله: «المُتَمدَّحُ»: أي: المُتَّصِفُ بصِفاتِ المَدحِ والكَمالِ.

قوْلُ النَّاظِمِ رحمه الله تعالى: «إِلَى طَبَقِ الدُّنْيَا»: أي: يَنزِلُ إلى الطَّبقِ الأَدْنَى منَ السَّماواتِ؛ لأنَّ السَّماءَ سَبعُ طِباقٍ،


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (7089)، وابن حبان رقم (3853)، والطبراني في ((الصغير)) (575)، والبيهقي في ((الشعب)) (3774).

([2])  انظر: ((الرد على الجهمية)) للدارمي (ص 33) ط. المكتب الإسلامي، و((اعتقاد أهل السنة)) للالكائي (928) (3/ 527).