قالَ تَعالَى: ﴿أَلَمۡ
تَرَوۡاْ كَيۡفَ خَلَقَ ٱللَّهُ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗا﴾ [نوح: 15]: بعضُها
فوْقَ بَعْضٍ، فيَنزِلُ جل وعلا كيفَ يَشاءُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، يعني:
السَّماءُ الّتي تَلِي الأرضَ.
قوْلُ النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «يَمُنُّ
بِفَضْلِهِ»: فيقولُ سُبحانَه: «هلْ مِن سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟»، هذا
مَنٌّ وفَضْلٌ منَ اللهِ، ويقولُ: «هَلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ، هَلْ
مِن تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟»، كلُّ هذا مِن فَضْلِه سبحانه وتعالى يَعرِضُ
على عِبادِه كَرَمَه وجُودَه.
ولهذا يُستَحَبُّ
للمُسلمِ أن يَقومَ آخِرَ اللَّيلِ حِينَ يَبقَى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرِ، وأن
يَكونَ مُستَيْقِظًا يُصَلِّي ويَدعُو اللهَ ويَستَغْفِرُ، فإنَّه وقْتُ قَبولِ
الدُّعاءِ، ولا يَنامُ في هذا الوَقتِ ويَحرِمُ نَفْسَه، كما يَفعَلُ كَثيرٌ منَ
المَحرومينَ الَّذينَ يَسهَرُون اللّيلَ، فإذا صارَ آخِرُ اللّيلِ ناموا حتَّى عن
صَلاةِ الفَجرِ الفريضَةِ! هذا حِرمانٌ والعِياذُ باللهِ.
فيَنبَغي للمُسلمِ أن يَنامَ مُبَكِّرًا ويُعوِّدُ نَفْسَه - إنَّما الشَّيءُ بالاعتِيادِ - لأجْلِ أن يقومَ آخِرَ اللَّيلِ، فإذا عَوَّدَ نفْسَه هذا تَعوَّدَتْ، أمَّا إذا عَوَّدَها الكَسلَ والنَّومَ فإنَّه يَثقُلُ عليها حتَّى القِيامُ لصلاةِ الفَجرِ، فيَنبغي للمُسلمِ أن لا تَفُوتَه هذهِ الفُرصَةُ، وهذا النِّداءُ الإلَهيُّ، وأن يكونَ حاضِرًا، واللهُ جل وعلا يقولُ في وَصْفِ عِبادِه المُتَّقينَ: ﴿كَانُواْ قَلِيلٗا مِّنَ ٱلَّيۡلِ مَا يَهۡجَعُونَ ١٧ وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ ١٨﴾ [الذاريات: 17، 18]، وقال: ﴿وَٱلۡمُسۡتَغۡفِرِينَ بِٱلۡأَسۡحَارِ ﴾ [آل عمران: 17]، فالاستِغْفارُ وقْتَ السَّحرِ لهُ مَزيَّةٌ على غَيرِه منَ الأوْقاتِ.