﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: 62]،
فتُوجَدُ أوقاتٌ وأحوالٌ تكونُ الإجابَةُ فيها أكثرَ من غَيرِها، وإلاَّ فإنَّ
اللهَ جل وعلا يَغفِر ويُعطِي، ويَسمعُ الدُّعاءَ، ويُجيبُ في كلِّ وقْتٍ من لَيلٍ
أو نَهارٍ.
قوْلُ النَّاظمِ رحمه الله تعالى: «وَرِزْقًا
فَيُمْنَحُ»: فكيفَ يَصدُّ الإنسانُ عن هذا ويَنامُ؟! ماذا يَستفيدُ من فُضولِ
النَّومِ؟! كيفَ يَغفُلُ ويَلهُو معَ الفَضائِيَّاتِ والإنتَرْنت، ويَجْلسُ
مَأسُورًا شَاخِصَ البَصرِ لا يَتحرَّكُ معَ هذا الصَّنمِ الخَبيثِ، ولا يَملُّ
ولا يَتعَبُ، ويُعرِضُ عن رَبِّه سبحانه وتعالى، يُعرِضُ عن هذا الخَيرِ الكَثيرِ
الَّذي هو بأَشَدِّ الحاجَةِ إليه؟! فإنَّه لا غِنَى به عنِ اللهِ جل وعلا
طَرْفَةَ عَينٍ، فكيف يُعرِضُ الإنسانُ عن هذا ولا يَتنَبَّهُ له؟!
أو يَذهَبُ مَذهَبَ
الجَهميَّةِ والمُعتزلَةِ والأشاعِرَةِ فيُكذِّبُ -والعِياذُ بالله- بهذا
النُّزولِ ويِنَفْيِه، ويَتَهاوَنُ به! هذا أشَدُّ منَ الذي يُعرِضُ ولا يَنفِي،
ولكنَّه يُعرِضُ ولا يَتَنبَّهُ له. ولو أنَّ وَقْتًا منَ الأوقاتِ فيهِ تَوزيعُ
نُقودٍ، أو تَوْزيعُ دراهمَ، أو فَتحُ فيه بابُ مُساهمَةٍ في شَركةٍ، والنَّاسُ
يَرجُون فيها الرِّبحُ، ألا تَروْنَ ما النَّاس صانِعونَ؟ أليسوا يُغامِرُون؟
بل حَدثَ أنْ قَتَلَ
بعضُهم بعْضًا منَ الزِّحامِ لطَلبِ الدُّنيا الفانِيةِ الَّتي قدْ تَحصلُ وقد لا
تحصلُ، وإن حصَلَتْ ربَّما تكونُ شَرًّا ووَبالاً على صاحِبها، وربَّما تكونُ هذهِ
المُساهمَةُ مُحرَّمةً يَدْخُلُها الرِّبا، وربَّما تكونُ منَ المَيسِرِ
والقِمارِ، ومع هذا يَتنافَسُون علَيها، ويَقْتَتِلُون، ويَأتُون مُبكِّرينَ قَبلَ
البَداءَةِ بزَمنٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ يُريدُ أن يَصيرَ قَريبًا من مَحلِّ
العَرضِ، ولا يَكونُ بَعيدًا!