الصَّحابَةِ وبَيانُ ما يَجُب لهُم على مَن جاءَ
بَعْدَهم إلى يَومِ القِيامَةِ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «لاَ
تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ
مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ» ([1])، لو أنَّ أحَدًا
أَنفَقَ مِثلَ جَبلِ أُحُدٍ مِن الذَّهبِ الخَالِصِ وتَصدَّقَ به كلَّه، ما بَلَغَ
في الأجْرِ والثَّوابِ مِثلَ صَدقَةِ الصَّحابيِّ بالمُدِّ منَ الطَّعامِ، أو
نِصفِ المُدِّ، فجَبَلُ الذَّهبِ مِن غَيرِهم لا يُعادِلُ المُدَّ مِن الطَّعامِ
منهُم، وذلكَ لفَضْلِهم ومَكانَتِهم؛ لأنَّ مِن أسْبابِ مُضاعَفَةِ الأجْرِ شَرَفَ
العامِلِ عِندَ اللهِ.
ثمَّ هُم
يَتفاضَلُون فيما بينَهم:
فلا شكَّ أنَّ
المُهاجِرينَ أفْضَلُ منَ الأنصارِ؛ لأنَّ اللهَ قَدَّمَهم في الذِّكْرِ، ولأنَّهم
تَرَكوا أمْوالَهُم وأولادَهم وأوْطانَهم وهاجَرُوا في سَبيلِ اللهِ عز وجل قالَ
تَعالى: ﴿يَبۡتَغُونَ
فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ﴾ [الحشر: 8].
ثمَّ أفْضلُ
المُهاجِرينَ هُم الخُلفاءُ الرَّاشِدونَ الأربَعَةُ: أبو بكْرٍ الصِّدِّيقُ، ثمَّ
عُمرُ الفَارُوقُ، ثمَّ عُثمانُ ذُو النُّورَينِ، ثمَّ عليُّ بنُ أبي طالبٍ،
رَضِيَ اللهُ تَعالى عَنِ الجَميعِ.
ثمَّ بَقيَّةُ
العَشرةِ المُبشَّرينَ بالجنَّةِ.
ثمَّ أهْلُ بدْرٍ:
الَّذينَ شَهِدوا غَزوةَ بَدْرٍ.
ثمَّ أهْلُ بَيعَةِ الرِّضوانِ: الَّذينَ بَايعوا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم تحْتَ الشَّجرةِ ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: 18]، فاللهُ عز وجل
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3673) ومسلم رقم (2541).