أخبَرَ أنَّه رَضِيَ عنهُم، ثمَّ يأتي واحِدٌ
منَ الفَسقَةِ والفَجرَةِ ويَذمُّ الصَّحابةَ! قبَّحَ اللهُ أهْلَ السُّوءِ
والضَّلالِ.
ثمَّ الَّذينَ
أسْلَمُوا قَبلَ فَتحِ مكَّةَ أفضَلُ منَ الَّذينَ أسْلَمُوا بعْدَ الفَتْحِ، قالَ
تَعالى: ﴿ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ
أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ
أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ ٞ﴾ [الحديد: 10]، ﴿إِنَّ﴾ يعْني: الَّذينَ
أسْلَمُوا قَبلَ الفَتحِ والَّذينَ أسْلَمُوا بعدَ الفَتحِ، ﴿وَكُلّٗا
وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ﴾ وهي الجنَّةُ.
فالصَّحابةُ لا
يَلْحَقُهُم أحَدٌ في الفَضْلِ مهْما عَمِلَ، لكن حَسْبُه أن يُحِبَّهُم
ويَقْتَدِي بهم ويُثْنِي عَلَيْهم، وألاَّ يَنتَقِصَ أَحدًا منهُم، ولا يَتلَمَّسُ
أخطاءَهم، ولا يَخوضُ فيما حَصلَ بَينَهم بسَببِ الفِتنَةِ الَّتي دَخَلَتْ عليهم،
وجَرَّها عليهِم الأَشْرارُ من غيرِ اختِيارِهم، فلا يَحلُّ لأحَدٍ أن يَخوضَ في
شَأْنِ الصَّحابةِ إلاّ بالثَّناءِ والاسْتغفارِ لهُم، والتَّرحُّمِ علَيهم،
والاقْتِداءِ بهِم، ومَحبَّتِهم؛ لأنَّ اللهَ يُحِبُّهم، والرَّسولُ صلى الله عليه
وسلم يُحِبُّهم، فنحنُ نُحِبُّ مَن يُحبُّهُ اللهُ، ومَن يُحبُّهُ رسولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم.
ثمَّ إنَّ هذا الدِّينَ
مِن أينَ وَصلَ إلينا؟ هذا القُرآنُ وهذهِ السُنَّةُ، أليسَتْ عَن طريقِ
الصَّحابَةِ؟
فهُم الواسِطَةُ
بينَنا وبينَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وهمُ الَّذينَ بَلَّغُوا الدِّينَ
لمَّا تحمَّلُوه عنِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم وبلَّغُوه لنا بأمانَةٍ، كلُّ
حديثٍ تَجدُ فيهِ عن فُلانٍ عن فُلانٍ عن صَحابيٍّ، فهُم الواسِطةُ بينَنا وبينَ
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في تَبليغِ الدِّينِ، الَّذينَ حَفِظُوا لنا
سُنَّتَهُ، وحَفظُوا لنا القُرآنَ، وبلَّغُوه لنا.