×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وأمَّا النَّواصِبُ: فالَّذي حَمَلَهُم على سبِّ بعضِ الصَّحابَةِ أمْرٌ سِياسيٌّ؛ لأنَّهم يُريدونَ بذلكَ الطَّعنَ في خِلافَةِ عليٍّ رضي الله عنه لأمْرِ سِياسيٍّ فحَسْب، وأنَّه لا يَستَحِقُّ الإمامَةَ، لم يكنْ قَصْدُهمُ الطَّعنَ في الدِّينِ.

أمَّا الرَّوافِضُ - قبَّحهمُ اللهُ - فقَصْدُهم الطَّعنُ في الدِّينِ؛ لأنَّهم إذا ذمُّوا الصَّحابةَ وطَعنُوا فيهم، لم يَبْقَ بينَنا وبينَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم واسطَةٌ، والدِّينُ ما جاءَنا إلاَّ عَن الصَّحابةِ، وهم في نَظَرِ الرَّافِضَةِ لا يُحتجُّ بقَوْلِهم! فإذًا هذا طَعْنٌ في الدِّينِ، هذا قَصْدُهم.

وقد سبَقَ الكلامُ عن فَضائِلِ الصَّحابَةِ، وأنَّهم يَتفاضَلُونَ فيما بَينَهم، فهُم يَشتَرِكُون في فَضْلِ الصُّحبَةِ، ولا يُشارِكُهم في هذا الفَضْلِ أحَدٌ، ولا يَلْحَقُ بهم أحَدٌ، لكن هُم فيما بَينَهم يَتفاضَلُون، بَعضُهم أفْضَلُ من بَعضٍ، وإذا ذَكَرْنا أنَّ بَعْضَهم أفْضَلُ مِن بعْضٍ فليسَ مَعْنى هذا أنَّنا نَنتَقِصُ المَفضولَ، فلا يَجوزُ أن نَنتَقِصَ المَفضُولَ، وهوَ صحابِيٌّ من صَحابَةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

وسبَقَ بَيانُ أنَّ أفْضَلَ الصَّحابَةِ هُم الخُلفاءُ الرَّاشِدونَ الأربعةُ، قالَ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِن بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» ([1])، فالَّذي سَمَّاهمُ الخُلفاءَ الرَّاشدينَ هوَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمَرَ بِالتمسُّكِ بِسُنَّتِهم؛ لأنَّهم يَسيرونَ على سُنَّتِه صلى الله عليه وسلم، ويُثْبِتُونَها ويَنشُرُونَها بما أَعطاهُمُ اللهُ منَ العِلْمِ والسُّلْطَةِ والوِلايَةِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أبوداود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).