وزاد عَلَيهِم القدرِيَّة، فقالوا: كلٌّ يَخلُق
فِعْلَ نَفسِه، فأَثبَتُوا خالِقِينَ مُتعدِّدِين مع الله عز وجل وهذا شِركٌ فِي
تَوحيدِ الرُّبوبِيَّة.
2- قَابَلَتْهم
فرقة الجَبْرِيَّة: وهم: أَتباعُ الجَهمِ بنِ صَفوانَ ([1])، فقالوا: العَبدُ
ليس له اختِيارٌ ولا مَشِيئَة، وإنَّمَا هو مَجبُور عَلَى ما يَحصُل منه بِدُون
اختِيَارِه، فهو كالآلَة بِيَد مَن يُحَرِّكُها، وكالرِّيشَة فِي الهَواءِ، وهو
كالمَيِّت بين يَدَي الغاسِلِ، وكالجَنازة عَلَى النَّعشِ! فالعَبدُ مَجبُور عَلَى
أَفعالِه وتَصرُّفاتِه، إنَّما هو آلة تُحَرَّك.
فالجَبْرِيَّة
غَلَوا فِي إِثباتِ إِرادَة الله ومَشِيئَتِه، ونَفَوا مَشِيئَة العَبدِ
وإِرَادَتِه.
والمُعتَزِلة - عَلَى النَّقيضِ
- غَلَوا فِي إِثباتِ مَشِيئَة العَبدِ وإِرادَتِه، ونَفَوا مَشِيئَة الله جل وعلا.
فكلٌّ من الطَّائِفَتَين
غَلاَ فِي شيءٍ:
فالقَدَريَّة: غَلَوا فِي
إِثباتِ مَشِيئَة العَبدِ وإِرَادَتِه، حتَّى قَالُوا: إنَّه لَيستَقِلُّ عن الله
ويَخلُق ما يُريد.
والجَبْرِيَّة: غَلَوا فِي إِثباتِ مَشِيئَة الله وإِرادَتِه، حتَّى نَفَوا مَشِيئَة العَبدِ وإِرادَتِه.
([1]) الترمذي الذي أظهر الصفات والتعطيل، وهو أخذ ذَلِكَ عن الجعد بن درهم الذي ضحى به خالد بن عبد الله القسري بواسط، وكان جهم بعده بخراسان، فأظهر مقالته هناك، وتبعه عليها ناس، وقتل بخراسان على يد سلم بن أحوز سنة (128هـ).
انظر: ((شرح الطحاوية)) (ص 794)، و((الفرق بين الفرق)) (ص 194)، و((الملل والنحل)) (1/86).