×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

 لكنْ يقولُون: إنَّ الَّذِين يَقُولون بنَفْيِ العِلْم انقَرَضوا. كما ذكر شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تيميَّة رحمه الله تعالى فِي «الواسِطِيَّة» ([1]).

2- أمَّا بقيَّة المُعتَزِلَة فيُثبِتون عِلْمَ الله جل وعلا الأزليَّ، ولَكِن يَنفُون القَدَر، فهم أَهلُ ضَلالٍ، ولا يَصِلُون إلى حَدِّ الكُفْر؛ لأنَّهم أَثبَتُوا عِلْم الله جل وعلا، وأَثبَتُوا الكِتابَة فِي اللَّوح المَحفُوظ، وإنَّما نَفَوا المَشِيئَة والإِرادَة، يَعنِي: أَثبَتُوا العِلْم والكِتابَة وغَلَوا فِي أَفعالِ العِبادَ، وقالوا: إنَّها تَقَع بغَيرِ إِرادَة الله ومَشِيئَته جل وعلا، وهذا مَوجُود ومُستَمِرٌّ فِي المُعتَزِلة ومَن أَخَذ مَذهَبَهم من الطَّوائِف الضَّالَّة.

فهَذِه نِقاطٌ مُختَصَرة فِي هَذَا البابِ العَظيمِ، ولكنْ حَسْبُ المُسلِم أن يَعرِف هَذِه المَبادِئَ ويتوقَّف عِندَها، ولا يتوغَّل فِي البَحثِ فِي القَضاءِ والقَدَر، ولا يَفتَح عَلَى نَفسِه بابَ التَّساؤُلاتِ، فإنَّه لن يَصِل إلى نتيجة؛ لأنَّ القضاءَ والقَدَر سِرُّ الله جل وعلا فِي خَلْقِه، فلا يُمكِن أن تَصِل إلى نَتِيجَة من التَّساؤُلات، فعَلَيك أن تتمشَّى مع مَدلُول الكِتابِ والسُّنَّة، فتُثبِت القضاءَ والقَدَر وتَعرِف أدِلَّتَه، وتَعرِف حُكمَ مَن أَنكَره.

وبَقِيَت مَسأَلة أُخرَى ذَكَرها أَهلُ العِلْم، وهي: مسألة: «الاحتِجاجِ بالقَدَر»:

وذلك أنَّ موسى عليه السلام لمَّا لَقِي أبا البشرِيَّة آدَمَ عليه السلام لاَمَه وقال له ([2]):


الشرح

([1])  انظر: ((العقيدة الواسطية)) (ص 164) بشرح المؤلف حفظه الله تَعالَى.

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3409)، ومسلم رقم (2652).

قال ابن أبي العز: ((إنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة لا على الخطيئة؛ فإن القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعايب، وهذا المعنى أحسن ما قيل فِي الحديث». اهـ. انظر: ((شرح الطحاوية)) (ص 135، 136).

لو عدلت إلى: فموسى عليه السلام فِي الظَّاهر لام لآدم على المصيبة وهي الخروج من الجنّة ولم يلمه على المعصية، وهي الأكل من الشَّجرة، فاحتجَّ عليه آدم عليه السلام بالقضاء والقدر فحجَّه وغلبه؛ لأنَّه يجوز الاحتجاج بالقضاء والقدر على المصائب دون الذُّنوب والمعائب.