×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

 «لِمَ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟!» فقال: «أَنْتَ مُوسَى كَلِيمُ اللهِ، بِكَمْ وَجَدْتَ هَذَا مَكتُوبًا عليَّ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ» فقال مُوسَى -ما معناه-: أنَّ الله قد كَتَب ذَلِكَ عَليك فِي اللَّوحِ المَحفُوظ.

فالجَبْرِية أخذوا هَذَا، وقالوا: هَذَا دَلِيلٌ للجَبْرِيَّة أنَّ آدم حجَّ مُوسى بأنَّ ما حَصَل منه ليس باختِيَارِه، وإنَّما هو فِعلُ الله جل وعلا !

ولكِنَّهم لم يَفهَمُوا الحَدِيثَ، فمُوسَى لم يَلُم آدَمَ عَلَى القَضاءِ والقَدَر، وإنَّما لامه عَلَى إِخراجِهِم من الجَنَّة فقال: «لِمَ أَخْرَجْتَنَا وَنَفْسَكَ مِنَ الْجَنَّةِ»، فاحتجَّ عَلَيهِ آدمُ بالقَضاءِ والقَدَر، والاحتِجاجُ بالقَضاءِ والقَدَر عَلَى المَصائِب جائِزٌ؛ لأنَّه يُسَهِّلُها عَلَى الإنسان، فلا يَجْزَع، ولا يَسخَط، فمُوسى لم يَسْأَلْه عن القَضاءِ والقَدَر، لم يقل: لماذا قَدَّر الله عَلَيك كذا؟ وإنَّما قال: «لِمَ أَخْرَجْتَنَا؟!» فالسُّؤال منصبٌّ عَلَى المُصِيبَة التي ترتَّبَت عَلَى ما حَصَل من آدَمَ من الأَكلِ من الشَّجَرة.

ومُوسَى لم يَلُمْه عَلَى الذَّنبِ؛ لم يَقُل له: لماذا أَكَلْت من الشَّجَرة؟ لأنَّه تاب من ذَلِكَ فتاب الله عَلَيهِ، والتَّائِب لا يُلاَم عَلَى ما حَصَل منه بَعدَ التَّوبَة، وإنَّما لاَمَه عَلَى الإِخراجِ من الجَنَّة، وهَذِه مُصِيبَة أَصابَت آدَمَ وذُرِّيَّتَه.



الشرح