3- وقوم فصَّلُوا، فقال ابن القيم رحمه الله
تعالى ([1]):
والنَّاسُ مُختَلِفون فِي القَلَم الَّذي
|
|
كَتَب القَضاءُ به من الدَّيَّانِ
|
|
هل كَان قَبْل العَرشِ أو هُوَ بَعدَه؟
|
|
قَولاَنِ عِندَ أَبِي العُلاَ الهَمَذَانِي
|
|
والحَقُّ أنَّ العَرْش قَبْلَ لأنَّه
|
|
قَبْلَ الكِتَابَة كانَ ذَا أَركانِ
|
|
وكِتابَة القَلَم الشَّرِيف تَعَقَّبَت
|
|
إِيجَادُه مِن غَيرِ فَصلِ زَمانِ
|
فالكِتابَة
مُقارِنَة لوُجودِ القَلَم، حِينَما خَلَقه الله فقال له: «اكْتُبْ»، وأمَّا مِن
حَيثُ الوُجودِ فالعَرشُ أَسبَقُ.
وهذا هو القَولُ
الصَّحيحُ؛ لقَولِه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ مَقَادِيرَ
الْخَلاَئِقَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَْرْضِ بِخَمْسِينَ أَلْفَ
سَنَةً، وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»، قدَّرَها قبلَ الكِتابَة ثمَّ كَتَبها،
فالكِتابَة مُقارَنة لوُجودِ القَلَم، ووُجودُ القَلَم متأخِّرٌ عن وُجودِ
العَرشِ، والعَرشُ أَسبَقُ.
وهَذِه مَسألَة
استِطرَادِيَّة، ولَكِن لا بُدَّ من مَعرِفَتِها؛ لأنَّها تدخُل فِي مَرتَبَة
الكِتابَة، وهي الكِتابَة العامَّة الشَّامِلَة التي كَتَب فيها كلَّ شيءٍ.
وقد يَسألُ سائِلٌ فيَقُول: أَلَيس الله يَأمُر المَلَك المُوَكَّل بالأَجِنَّة أن يَكتُب الرِّزقَ والأَجَل والشَّقاوَة والسَّعادَة؛ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ: أَرْبَعِينَ يَومًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ؛ وَأَجْلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ» ([2]).
([1]) انظر: النونية مع شرح ابن عيسى (1/373- 377).