ثلاثة أسئلة، فإنْ
أجاب عنها بجوابٍ صحيح نجا وفاز وأفلح، وإن لم يَستَطِع الجواب خاب وخَسِر، وضلَّ
سَعيُه.
قَولُ النَّاظِم رحمه الله تعالى: «ولا
تُنكِرَن جهلاً»: يعني: الشَّيءَ الذي تَجهَلُه لا تُنكِرْه، فليس كلُّ شيءٍ
تَجهَلُه تُنكِرُه، بل تُؤمِن بما صَحَّ وبما ثبت وإن لم تَعْرِفْه ولم تُدْرِكْه،
قال تَعالَى: ﴿بَلۡ
كَذَّبُواْ بِمَا لَمۡ يُحِيطُواْ بِعِلۡمِهِۦ وَلَمَّا يَأۡتِهِمۡ تَأۡوِيلُهُۥۚ
كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ﴾ [يونس: 39].
فالواجِبُ أن تُؤمِن
بما صحَّ عن الله ورَسُولِه صلى الله عليه وسلم، وإن لم تَعْرِفْه وتتصَوَّرْه،
فإنَّ هَذَا له مستَقبَل يَقَع به ﴿ لِّكُلِّ نَبَإٖ
مُّسۡتَقَرّٞۚ وَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ﴾ [الأنعام: 67]، فالأَنباءُ
والأَخبارُ الَّتي أُخبِرْتم بها كلُّ شيء له وقتٌ، إذا جاء وَقتُه ظَهَر،
فوَاجِبُنا الإِيمانُ به؛ لأنَّه كلام الله جل وعلا الذي: ﴿لَّا
يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ﴾ [فصلت: 42]،
وكَلامُ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم الذي لا يَنطِق عن الهَوَى ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ
٣ إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤﴾ [النجم: 3، 4]، فلا
نَعتَمِد عَلَى عُقولنا، وإنَّما نَعتِمد فِي أُمورِ الغَيبِ عَلَى الوَحيِ
المُنَزَّل، ولا نتدخَّل بعقُولِنا وأَفكارِنا. وأُمورِ البَرزَخ من أُمورِ
الآخِرَة، ولو كَشَفْنا عن العَبدِ بعد وَضْعِه فِي قَبْرِه لَوجَدْناه كما
وَضَعْناه، ولَكِنْ هو فِي حُكمِ عالَمٍ آخَرَ، وما يَجرِي عَلَيهِ لا نَرَاه، ولا
نُحِسُّ به؛ لأنَّه فِي عالَمٍ آخَرَ، مغيَّب عنَّا.
قوله: «نَكِيرًا ومُنكَرًا»: اسمان للمَلَكين اللَّذيْن يَأتِيَان للمَيِّت فور دَفْنِه، فتُعاد رُوحُه فِي جَسَده ويُجلِسَانه حَيًّا، حياةً بَرزَخِيَّة لَيسَت مِثْلَ حَياتِه عَلَى الأَرضِ، وإنَّما هي حياةُ الآخِرَة؛ حياةٌ أُخرَوِيَّة لا يعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى.