×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وتَسمِيتَهُما بالمُنكَرِ والنَّكِير، كما ورد فِي الحَديثِ بإِسنادٍ لا بأس به ([1])، فهي تَسمِيَة ثابِتَة؛ لأنَّ رُؤيَة هَذَينِ المَلَكينِ مُفزِعَة يَستَنكِرُها الإِنسانُ ويَفزَع منها، فهُما يَأتِيَان بصُورَة لا يعرفها فِي حَياتِه، ولا يَألَفُها، فهَذَا وَجْه تَسمِيَتِهمَا مُنكَرًا ونَكِيرًا، وفِي هَذَا ردٌّ عَلَى مَن يُنكِر هَذِه التَّسمِيَة ويقول: هَذَا سبٌّ للمَلائِكَة.

نقول: هَذَا ليس سبًّا للمَلائِكَة، بل هَذَا من باب أنَّ الَّذي يَأتِيَانِه يَستَنكِرُهما، فسُمِّيا بالمُنكَر والنَّكِير.

قَولُه: «إنَّك تُنصَح»: يعني: أنا أَنصَحُك ألاَّ تُنكِر هَذِه الأشياءَ، والدِّين النَّصيحَة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قلنا: لِمَن؟ قال: «لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» ([2]).

فالنَّاظِم رحمه الله تعالى يقول: أنا أَنصَحُك ألا تُنكِر ما ثبت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وما جاء فِي القُرآن والسُّنَّة؛ كما أَنكرَه المُعتَزِلة وأَهلُ الضَّلال الذين يَعتَمِدون عَلَى عُقُولهم وأَفكارِهم، فلتَحْذر من طَرِيقَتِهم واتَّبِع النُّصُوص، وآمِنْ بما جاءَتْ به النُّصوصُ الصَّحِيحَة، وهذا من الإِيمانِ بالله سبحانه وتعالى.


الشرح

([1])  وردت فِي تسمية الملكين الذين يسألان الإنسان فِي قبره بهذين الاسمين عدة أحاديث مرفوعة وموقوفة عن عدد من الصَّحابة، منهم أبو هريرة رضي الله عنه عند الترمذي (1071) وقال: حسن غريب، والطبراني فِي ((المعجم الأوسط)) (5/44)، وعن معاذ رضي الله عنه عند البزار (7/97)، والبراء رضي الله عنه البيهقي فِي ((شعب الإيمان)) (1/358) والطبراني فِي ((تهذيب الآثار)) (2/500)، وعن أبي الدرداء موقوفًا عليه عند ابن أبي شيبة (3/53).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (95).