وأُمورُ الغَيبِ
الَّتي تحدُث للميِّت فِي قَبْرِه ويَجِب الإِيمانُ بِها، هي:
أولاً: مَجِيءُ
المَلَكَيْن مُنكَر ونَكِير إلى الميِّت:
فإن قال قائل: كيف
جاءا إِلَيه فِي قَبْرِه ونحن لا نَراهُم؟
الجَوابُ: الله عَلَى كلِّ
شيءٍ قديرٌ، وأنت فقد غيِّبَت عنك كَثيرٌ من الأُمورِ، فالمَلَكان يَأتِيانِه وأنت
لا تَراهُما، وهل أنت ترى رُوحَك الَّتي تَدخُل فِي جَسَدِك؟ هل ترى كُلَّ شيءٍ؟
تُوجَد أَشياءُ كَثِيرَة لا تراها، هل ترى العَقلَ الَّذي يُمَيِّزُك عَلَى
غَيرِك؟ ما كلُّ شيءٍ لا تراه ليس صحيحًا، هَذَا كلامُ المادِّيِّين
الطَّبائعِيِّين، أمَّا أهل الإِيمانِ فإِنَّهم يتَّسِع إِيمانُهُم لِكُلِّ ما
وَرَدت به الأَخبارُ الصَّحِيحَة، ولا يتدخَّلُون فيه بعُقولِهِم.
فالمَلَكان
يَأتِيَانِه ويُجلِسَانِه ويَستَنطِقَانِه: مَن ربُّك؟ وما دِينُك؟ ومن نَبِيُّك؟
فيَقُول المُؤمِن: ربِّيَ الله، ودِينِيَ الإِسلامُ، ونَبيِّي مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، فيُنادِي منادٍ: «أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَوَسِّعُوا لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ؛ فَيَأتِيهِ مِن رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيَرَى مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فيَقُول: يَا رَبِّ أَقِمِ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي» ([1])، فيصيرُ قَبْرُه روضةً من رِياضِ الجَنَّة. وإنْ كُنَّا لا نُشَاهِدُ هَذَا، وقد يُشاهِدُه بعض من يُطْلِعُه الله عَلَيهِ، ولَكِن هَذَا ليس بلازِمٍ.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4753)، وأحمد رقم (18534)، والبيهقي فِي ((الشعب)) رقم (390).