وَفُتِحَتۡ
أَبۡوَٰبُهَا﴾ [الزمر: 73] لم
يقل: حتَّى إذا جاءوها فُتِحت أبوابُها كما فِي النَّار، بل قال: ﴿وَفُتِحَتۡ
أَبۡوَٰبُهَا﴾ [الزُّمَر: 73]
فالمَجيءُ شيءٌ، وفَتْح الأَبوابِ شيءٌ آخَرُ، وذَلِكَ بشَفاعَة مُحمَّدٍ صلى الله
عليه وسلم.
الشَّفاعة
الثَّالِثَة: أنَّه يَشفَع صلى الله عليه وسلم لأُناسٍ من أَهلِ الجَنَّة فِي رِفعَة
مَنازِلِهم فِي الجنَّة.
الشَّفاعة
الرَّابِعَة: شَفاعَتُه فِي عَمِّه أبي طالبٍ، مع أنَّ الشفاعة لا تنفع الكُفَّار،
والله جل وعلا قال فِي الكُفَّار: ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ
شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ﴾ [المدثر: 48].
وأبو طالبٍ مات
عَلَى الكُفرِ، ولَكِنْ نظرًا لأنَّ أبا طالبٍ حَمَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
ودَافَع عنه، وصَبَر معه عَلَى الضِّيق، وأَحسَن إلى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم،
ولكنَّه لم يُوَفَّق للدُّخولِ فِي الإِسلامِ، وعَرَض عَلَيهِ النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم الإسلامَ وحَرَص عَلَى أن يَدخُل فِي الإِسلامِ، ولكنَّه أَبَى؛ لأنَّه
كان يرى أنَّ دُخولَه فِي الإسلام فيه مَسبَّة لدينِ آبائِه، حيثُ أخذَتْه
الحمِيَّة الجاهِلِيَّة لدينِ آبائِهِ، وإلاَّ فهو يَعتَرِف أنَّ مُحَمَّدًا عَلَى
الحقِّ، وأنَّ دِينَه هو الحَقُّ، ولَكِنْ مَنَعَتْه الحَمِيَّة والأَنَفة؛ لأنَّه
لو أَسلَم - بزَعمِه - لَصارَ ذَلِكَ سُبَّةً عَلَى قَومِه.
وهو القائل:
|
وَلقَد عَلِمتُ بأنَّ دينَ مُحمَّدٍ
|
|
مِن خيرِ أَديانِ البَرِيَّة دِينا
|
|
لَولاَ المَلامَةُ أو حِذارُ مَسَبَّة |
|
لَرأَيْتَنِي سَمحًا بِذَاكَ مُبِينًا ([1]) |
([1]) انظر: ((البداية والنهاية)) (3/42)، و((سمط النجوم العوالي)) (1/394).