فمُجرَّد القَولِ
باللِّسانِ لا يكفي، بل الله قال عنهم: ﴿إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ
قَالُواْ نَشۡهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُۥ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَكَٰذِبُونَ ١ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ
إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ٢﴾ [المنافقون: 1- 2]
يعني: سُتْرةً: ﴿ ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ
جُنَّةٗ فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ
يَعۡمَلُونَ ٢ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ فَطُبِعَ
عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُونَ ٣﴾ [المنافقون: 2-3] ﴿ءَامَنُواْ﴾ بألَسِنَتهم ﴿ثُمَّ
كَفَرُواْ﴾ بقُلوبِهم.
فالنُّطق باللِّسان
لا يكفي، ولو اعتَرَف الإنسان، حتَّى ولو قاتَلَ وجاهَدَ مع المُسلِمين، ولو صلَّى
وصام، لا يكفي هَذَا حتَّى يَعتَقِد بقَلبِه ما نَطَق به لِسانُه.
وكَذَلِكَ ليس الإِيمانُ كما تقوله مُرجِئَة الفُقهاءِ: الإيمانُ هو قول باللِّسان واعتقادٌ بالقلب! لأنَّه لو كان كَذَلِكَ لَمَا صار للأَوامِر والنَّواهي فائدةٌ، يكفي أنَّ الإنسان يعتقِد بقَلبِه ويَنطِق بلِسانه ولو لم يُصَلِّ ولم يَصُم! وهذا مذهب باطِلٌ بلا شَكٍّ؛ لأنَّه يعطِّل الأَعمالَ كُلَّها، والله جل وعلا قَرَن العَملَ بالإِيمانِ فِي كثيرٍ من الآياتِ ﴿ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ﴾ [البقرة: 25] ولم يَقُل آمنوا فحَسْبُ أو عَمِلوا الصَّالِحات فحسبُ، فلا بُدَّ منْ الاثنَينِ معًا، فلا يكفي العملُ بدُون إيمانٍ، ولا يكفي الإيمانُ بدُون عَمَل، فالإِيمانُ والعَمَل الصَّالح قَرِينانِ، وهذا فِي كثيرٍ من الآيات.