×
شرح المَنظُومَةُ الحائِيَّة

وكَذَلِكَ يَنقُص الإِيمانُ بالمَعاصِي، بدليل حَديثِ: «مَنْ رَأَى مِنْكُم مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِْيمَانِ» ([1])؛ فدلَّ عَلَى أنَّ الإيمان يَضعُف، فالذي لا يُنكِر المُنكَر لا بِيَدِه ولا بلِسانِه هَذَا ضَعيفُ الإِيمانِ، والذي لا يُنكِر لا بِيَدِه ولا بلِسانِه ولا بقَلبِه هَذَا ليس فيه إيمانٌ أصلاً؛ لقَولِه صلى الله عليه وسلم: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ»؛ كما فِي الحديث: «إِنَّ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ» ([2])، هَذَا دليل عَلَى أنَّ الإيمانَ يَضعُف ويكون بقَدْر وَزْن حبَّة الخَردَل أو أدنى من ذَلِكَ.

وفي قَولِه تَعالَى: ﴿هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ [آل عمران: 167] دليل عَلَى أنَّ الإِيمانَ يَضعُف حتَّى يَصِل إلى أن يَقرُب صاحِبُه من الكُفرِ، ﴿هُمۡ لِلۡكُفۡرِ يَوۡمَئِذٍ أَقۡرَبُ مِنۡهُمۡ لِلۡإِيمَٰنِۚ [آل عمران: 167]، فهَذَا دليل عَلَى نَقْصِ الإِيمانِ.

والمُرجِئَة يقولون: الإِيمانُ لا يزيد ولا يَنقُص؛ لأنَّ الإيمان بالقَلبِ، وهو شيءٌ واحِدٌ، والنَّاسُ لا يَتفاضَلُون فِي الإِيمانِ، فإِيمانُ أبي بكرٍ مِثلُ إِيمانِ أَفْسَق النَّاس!

وهذا كلامٌ باطِلٌ، بل الإيمانُ يتفاضَل، وبَعضُ المُؤمِنين أقوى إيمانًا من الآخَرِ، قال صلى الله عليه وسلم: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤمِنِ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (49).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (7510)، ومسلم رقم (193).