ويقول: «أجمَع المُسلِمون
عَلَى أنَّ مَن استَبانَت له سُنَّة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لم يَكُن له
أن يَدَعها لقَولِ أحدٍ».
والإِمامُ أحمَد رحمه الله تعالى يَقُول
([1]): «عَجِبْت لقَومٍ
عَرَفوا الإِسنادَ وصِحَّتَه يَذهَبون إلى رَأْيِ سُفيانَ! والله تَعالَى يقول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ
ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ
يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، أَتَدْرِي ما
الفِتنُة؟ الفِتنَة الشِّركُ، لعلَّه إذا ردَّ بعضَ قولِه أن يَقَع فِي قَلبِه
شيءٌ من الزَّيغِ فيَهلِك».
فلا قَولَ لأَحدٍ مع
قَولِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم والوَاجِب عَلَينا عِندَ الاختِلافِ أن
نَرجِع إلى المِيزانِ، وهذا من رَحمَة الله بنا، أنَّه لم يَكِلْنا إلى الاختِلافِ
وأَقوالِ النَّاس، وإنَّما أَمَرنا أن نَزِن الأَقوالَ بالكِتابِ والسُّنَّة، وهذا
يكون للعُلَماء، وأمَّا العوامِّ فعَلَيهم أن يَسألُوا أَهلَ العِلمِ: ﴿فَسَۡٔلُوٓاْ
أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: 43]،
فيَسألُ العامِّيُّ مَن يَثِق بعِلمِه ودِينِه ويأخُذ بقَولِه؛ ولِهَذا يَقُولون:
مذهَبُ العامِّيِّ مذهَبُ مَن أفتاه: هو الضَّابِط فِي هَذِه المَسألَة.
والآن الصُّحُف والكِتابَات تُنادِي بالأَخذِ وبالآرَاءِ والتَّوسِعَة عَلَى النَّاس، وأنَّهم إذا رُدُّوا إلى الدَّليل فهذا حَرَج وضِيقٌ، هكذا يَقُولون!
([1]) قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى: ((هذا الكلام من الإمام أحمد رحمه الله أخرجه: عنه الفضل بن زياد وأبو طالب: ثم قال: ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى )). اهـ. انظر: ((فتح المجيد)) (ص 557)، ط. قرطبة. وانظر: الصارم والمسلول على شاتم الرَّسول (2/116) ط. دار ابن حزم، و((شرح قصيدة ابن القيم)) لابن عيسى (1/492) ط. المكتب الإسلامي.