مقدمَّةُ الشَّارحِ
الحمدُ للهِ ربِّ
العالمينَ، وصلَّى اللهُ وسلَّمَ على نَبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلهِ وأصحابِه
أجمعينَ.
أمَّا بعدُ.
فهذا الكتابُ اسمُه كتابُ
«الأربعينَ»، اقتَصرَ مُؤلِّفُه على أربعينَ حَديثًا، لأنَّه وَردَ في فَضْلِ مَن
جمعَ للأمَّةِ أربعينَ حديثًا، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ
حَفِظَ عَلَى أُمَّتي أَرْبَعِينَ حَدِيثا مِن أَمرِ دِينَها بَعَثَهُ الله يَوم
القِيامَةِ فِي زُمْرَةِ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ»([1])، وفي رِوايةٍ: «وَكُنتُ
لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَافِعًا وَشَهِيدًا»([2]).
فالإمامُ يَحيى بنُ شرفٍ النَّوويُّ([3]) أرادَ أن يَظفَرَ بالأجْرِ العظيمِ؛ فاختارَ هذهِ الأحاديثَ الجوامِعَ في الآدابِ والأخلاقِ والأعمالِ الصَّالحةِ، فجَمَعها في هذا المُؤلَّفِ الصَّغيرِ في حَجْمِه، لكنَّه عظيمٌ في فائِدَتِه وفَضْلِه، انتَقاها منَ الأحاديثِ الصَّحيحةِ والحسنَةِ، ثمَّ جاءَ الإمامُ
([1]) أخرجه: البيهقي في «الشعب» رقم (1596)، وتمام في «فوائده» رقم (1369)، وابن عساكر في «معجمه» رقم (1222).
([3]) هو يحيى بن شرف بن حسن بن حسين بن جمعة بن حزام الحازمي العالم محيي الدين أبو زكريا، النووي ثم الدمشقي، الشافعي العلامة شيخ المذهب وكبير الفقهاء في زمانه، وُلِد بنوى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وتوفي سنة ست وسبعين وستمائة، صنّف التصانيف النافعة المفيدة في الحديث والفقه وغيرها، منها شرح صحيح مسلم، ورياض الصالحين. انظر: العبر (5/ 312)، والبداية والنهاية (13/ 278)، وطبقات الحفاظ (ص 513).