×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 185]، فلا بُدَّ من صَومِ رمضانَ إمَّا أداءً وإمَّا قَضاءً لأهلِ الأعْذَار، ولا يَجوزُ تَركُ الصِّيامِ بحالٍ من الأحوال، ما دامَ عقلُ الإنسانِ باقيًا فإنَّه لا بُدَّ أن يصومَ إذا كان يَقدِرُ على الصِّيام، أمَّا إذا كان لا يَقدرُ على الصِّيام، فإن كان لعُذرٍ يُرجَى زَوالُه فإنَّه يُفطِر ويَقضِي، وإن كان لعُذرٍ لا يُرجَى زَوالُه مع بقاءِ عقلِه وفِكرِه فإنَّه يُطعِم عنه، لقولِه تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184]، فيُطعِمُ عن كلِّ يومٍ مسكينًا.

قال: «وَحَجَّ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ» والحجُّ هو الرُّكنُ الخامسُ من أركانِ الإسلام، وهو لا يَجِبُ على المسلمِ إلاَّ مرَّةً واحدةً في العُمر.

والحجُّ لغةً: القَصْد، وشَرعًا: هو قَصْد البيتِ الحرامِ لأداءِ العبادة؛ من طوافٍ، وسَعْيٍ، ووُقوفٍ بعَرفَة، ومبيتٍ بمُزْدَلِفة وبمِنَى، ورَمْيٍ للجِمَار، فهذا الحجُّ ركنٌ من أركانِ الإسلام، ونَظرًا لكَونِه شاقًّا، ويأتيه النَّاسُ من أقطارِ الأرض، منها القَريبُ ومنها البَعيد؛ فإنَّ اللهَ أوْجَبَه على المُستطيعِ بمالِه الَّذي عندَه ما يكفي لسَفَرِه ذِهابًا وإِيابًا وعندَه ما يكفي لأَولادِه وأهلِ بيتِه حتَّى يرجع، فهذا يَجِبُ عليه الحجُّ، فإن كان يَقدِرُ عليه بنفسِه حجَّ بنَفسِه، وإن كان لا يَقدِرُ عليه بنَفسِه وعَجْزُه مستمرٌّ فإنَّه يُنيبُ مَن يحجُّ عنه، وإن ماتَ ولم يَحُجّ وهو مُستطيعٌ فَعَلى وَرَثتِه أنْ يُخرِجوا من تَرِكتِه ما يُحَجُّ به عنه؛ لأنَّ هذا ركنٌ من أركانِ الإسلام، أمَّا الَّذي لا يَستطيع؛ لأنَّه ليس عندَه مال، فهذا لا حَجَّ عليه، وإن كان يَستطيعُ من ناحيةِ المالِ لكن لا يستطيعُ من ناحيةِ البَدن، فإن كان يُرجَى


الشرح