قال: «ثُمَّ يَكُونُ
عَلَقَةً» يتحوَّل المَنيُّ إلى دم، هذه العَلقة في مدَّة أربعين يومًا، هذه
ثمانون يومًا.
قال: «ثُمَّ يَكُونُ
مُضْغَةً» ثمَّ يتحوَّل من الدَّمِ إلى المُضْغة، يعني قطعة لحم في مدَّة
أربعين يومًا ثالثةً، هذه مائةٌ وعشرون يومًا، وفي طورِ المُضْغة تُخلَقُ أعضاؤُه،
ويتبَيَّن أنَّه جنين.
قال: «ثُمَّ
يُرْسَلُ الْمَلَكُ» يعني: ثمَّ في الأربعين الرَّابعةِ تمامَ أربعةِ أشهر، أي
مائة وعشرين يومًا يرسل إليه المَلَك المُوكَّل بالأجِنَّة فيَدخُل عليه في بطنِ
أُمِّه.
قال: «ثُمَّ
يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ» الرُّوح التي يتحرَّك بها؛ روحُ الحياة، وقد عجَزَ
البشرُ أن يعلموا حقيقةَ هذه الرُّوح، فهي سرٌّ من أسرارِ اللهِ عز وجل، قال
تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ
الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 85]، فلا أحدَ يعلَمُ
حقيقةَ هذه الرُّوح، وإنَّما هو شيءٌ يأتي به الملَك فينفخُه في هذا الجَنين،
فيتحرَّك ويحيى بإذنِ اللهِ عز وجل، فإذا جاء الموتُ خرجَتْ هذه الرُّوح، فيَهمَد
الجسمُ ويصيرُ جُثَّةً، فما دامت فيه الرُّوحُ فهو حيٌّ، وإذا خرجتْ فهذا على
قسمين:
إمَّا أنْ تخرُجَ
بالنَّوم، وهذه وفاةٌ صُغرى.
وإمَّا أنْ تخرُجَ
بالموت، وهذه الوفاةُ الكبرى.
قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَتَوفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ﴾ [الأنعام: 60]، هذا النّوم، وهو الوفاة الصغرى، وقال: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61]، هذه الوفاةُ الكبرى ﴿رُسُلُنَا﴾ يعني ملائكة الموت.