«فَيَعْمَلُ
بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ» فصار هو السَّبب؛ إذ هو الذي عمل «فَيَدْخُلُهَا».
قال: «وَإِنَّ
أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا
وَبَيْنَهُ إلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ
أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» هذا يدُلُّ على أنَّ الأعمالَ بالخواتيم،
وأنَّ المُعتبَر ما يموتُ عليه الإنسانُ من خيرٍ أو شرٍّ، فلو أنَّه أفْنَى عُمرَه
بالطَّاعة، ثمَّ ارتدَّ في آخِر حياتِه إلى الكُفرِ صار من أهلِ النَّارِ والعياذُ
بالله، أو ظلَّ على إسلامِه لكنَّه عمِلَ عملاً يُوجِبُ دخولَه ولم يَكفُر، دخل
النَّارَ إذا شاء اللهُ دخولَه، فالعِبرةُ بالخَاتمة.
وكذلك لو أفْنَى
العبدُ عُمرَه بالكُفر، ثمَّ مَنَّ اللهُ عليه بالتَّوبةِ عندَ الموتِ قبلَ أنْ
تُغرغَر رُوحُه دخَل الجنَّة؛ ولذلك يَنبغِي للمسلمِ أنْ يُكثِرَ من الدُّعاءِ بحُسنِ
خَاتمتِه، ولا يغتَرَّ بعملِه؛ لأنَّه لا يدري ما يُختَم له به.
وعَلى هذا لا يُحكَمُ على إنسانٍ أنَّه من أهلِ النَّارِ أو من أهلِ الجنَّة بمُوجَبِ أعمالِه، إلاَّ من شَهِد له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ هذا راجِعٌ إلى عِلمِ اللهِ تعالى، وإلى الخَوَاتيمِ التي يموتُ عليها الإنسان، والخَوَاتيم لا يعلمُها إلاَّ الله سبحانه وتعالى.
الصفحة 5 / 276