الثَّاني: المُتابعةُ
للرَّسول صلى الله عليه وسلم.
فلو أنَّ الإنسانَ
جاء بعباداتٍ مُحدثَةٍ ليس فيها شِركٌ أبدًا كلّها خالصة لله، ولكنَّها ليسَتْ من
شريعةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فهي بِدعةٌ مَردودةٌ لا تُقبَل.
فلا يقبل العمل
إلاَّ بهَذين الشَّرْطين، وقد مَضَى الشَّرطُ الأوَّل في قولِه صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»،
فهذا شَرْطُ الإخلاص، وأمَّا شرطُ المتابعةِ فهو في هذا الحديث: «مَنْ أَحْدَثَ
فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».
قوله: «فَهُوَ رَدٌّ»
أي مردودٌ عليه لا يُقبَل عندَ الله سبحانه وتعالى مهما أتْعَبَ الإنسانُ نَفْسَه
فيه، ومَهْما خَلُصَت نيَّتُه فيه، فلا يُنظَر إلى صلاحِ النِّيَّةِ وحُسْن
القَصْد، بل لابُدَّ من المُتَابعةِ حتَّى يقبل العمل، فإنْ خَلا من أحدِ هَذَين
الشَّرطَين فهُو مردودٌ على صاحبِه.
ففي هذا دليلٌ على
بُطلانِ البِدعِ جميعها، وأنَّ صاحبَها آثِمٌ غير مأجور؛ لأنَّه مُحدثٌ في دينِ
اللهِ ما ليسَ منه.
وفيه دليلٌ على أنَّ البِدعَ في الدِّينِ كلِّها مردودة، ففيه ردٌّ على من يقول: إنَّ هناك بدعةً حَسَنةً. والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يقولُ في الحديثِ الآخَر: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»([1])، وهذا يقولُ: هناك بدعةٌ حَسَنة! فهذا مخالفٌ لقولِ الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم، فليس هناك بدعةٌ حَسَنة، وإنَّما البِدعُ كلُّها سيِّئة ومردودةٌ بنصِّ الحديثِ، لكنَّ هؤلاء يُحاوِلون إجازةَ البِدعِ وتَحْسينَها، فيقولون عن بدعةِ الاحتفالِ بمَولدِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم:
([1]) أخرجه:ا: مسلم رقم (867).