×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

 إنَّها بدعةٌ حَسَنة؛ لأنَّها دليلٌ على حُبِّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم. فعلى قولِهم هذا يكونُ أبو بكرٍ وعُمَرُ وعثمانُ وعليٌّ وأكابرُ الصَّحابة لا يُحِبُّون الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّهم لم يُقيمُوا المَوْلد، بل القرونُ المُفضَّلةُ كلُّها لا تُحِبُّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّها لم تحتفِلْ بمَوْلدِه صلى الله عليه وسلم.

فليس إحداثُ البدعِ دليلاً على محبَّةِ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، بل ذلك دليلٌ على بُغْضِه؛ لأنَّ مَن كان يُحبُّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم فإنَّه يتَّبعُه، ولا يُخالِفُه، ولا يُحدِثُ البِدَع.

قال الشاعر:

لو كان حبُّكَ صادقًا لأطعته **** إنَّ المُحبَّ لمَن يحبُّ مطيع

وفي الرِّواية الثَّانية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، الرِّواية الأولى: «مَنْ أَحْدَثَ» يعني: أحْدَثَ ما لم يُشَرِّعْه الله، والرِّواية الثَّانية: لم يُحْدِث، وإنَّما اتَّبعَ مَن أحدَثَ عملاً ليس عليه أمرُ الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فعَمل هو به صار مُبتَدعًا، فمَن عَمِل بالبِدع فهو مُبتدِع وإنْ لم يُحدِثْها هو.

وهذه فائدةٌ عظيمة؛ لئلاَّ يقول مَن يقول: أنا لم أُحدِثْ شيئًا، وإنَّما أنا أعملُ بما عَمِل به من قَبلي. نقولُ له: حتَّى وإن أحدَثَه وعَمِل به من كانوا قبلك، فما دام بدعةً فلا يجوزُ لك أنْ تعملَ به. فإن قال: إنَّما تقعُ المسؤوليَّةُ على من ابتدَعَها. نقول له: المسؤوليَّة على مَن ابتدَعا وعلى من عَمِل بها؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا»، وأنتَ منهيٌّ عن العملِ بالبدعة، وتعرِفُ أنَّهم مَنهيُّون عمَّا ابتدعوه،


الشرح