×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

والإسلامُ له أركان: شهادةُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ الله، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله، وإقامُ الصَّلاة، وإيتاءُ الزَّكاة، وصَومُ رمضان، وحجُّ بيتِ اللهِ الحَرَام مَن استطاعَ إليه سبيلاً، هذه أركانُ الإسلامِ كما بيَّنَها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم.

والرُّكنُ الأوَّل: هو الشَّهادَتان: شهادةُ أنْ لاَ إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله، وهما الأساس، فلا إلهَ إلاَّ الله تَنفي جميعَ الشِّرْك، وتُخلِصُ العبادةَ للهِ عز وجل، وشهادةُ أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ تَنفي جميعَ البِدعِ والمُحدَثات، وتُثبِتُ العملَ بالسُّنَّةِ الواردةِ عنه صلى الله عليه وسلم، وبهذا يحصُلُ للمسلمِ الدخولُ في الإسلام.

قال: «وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ» فلا يكفي أنْ يشهدَ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وأنَّ مُحمَّدًا رسولُ الله، بل لا بدَّ أنْ يعملَ بمُقتَضَى الشَّهَادَتين، وأعظمُه الصَّلاة، والمُرَاد: الصَّلواتُ الخَمْس المَفْرُوضة، فيأتي بها كمَا أمرَ اللهُ تعالى في أوقاتِها مع جماعةِ المسلمين، بالخُشُوعِ والخُضُوعِ والطُّمَأنِينة، هذه هي إقامةُ الصَّلاة، وليسَ المرادُ أن يأتيَ بالرُّكوعِ والسُّجودِ دونَ خشوعٍ وطُمَأنينة، أو يُصلِّيها على رغبتِه وهواه متى ما أراد، أو كيفمَا أراد. فكَم من مُصلٍّ لا يقيمُ الصَّلاة، بمعنى أنَّه يتَلاعبُ بها! وهذا لا تفيدُه صلاتُه شيئًا، فالمدارُ على إقامِ الصَّلاةِ كما أمر اللهُ سبحانه وتعالى.

والصَّلاةُ هي الرُّكنُ الثَّاني من أركانِ الإسلامِ بعدَ الشَّهَادتين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: 45]، فهي جامعةٌ لكلِّ خير، وهي رأسُ العباداتِ البدنيَّة، وهي الفارِقةُ بينَ المسلمِ والكافر؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ، وَالشِّرْكِ، تَرْكُ


الشرح