×
المِنحَةُ الرَّبانيَّةُ في شَرحِ الأربَعينَ النَّوَويَّةِ

قال: إلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ؛ وَ إِنَّ الزَّكَاةَ مِنْ حَقِّهَا، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالاً «[1]) - وفي رواية: عَنَاقًا([2]) - يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ».

فمَن منعَ الزَّكاةَ جاحِدًا لوُجُوبِها، فهذا كافرٌ مُرتدٌّ بالإجماع، وإنْ منَعَها بُخلاً مع اعترافِه بوُجُوبِها، فإنَّها تُؤخَذُ منه قَهرًا، وإنْ كان له شَوْكةٌ وسِلاحٌ فإنَّه يقاتل؛ لأنَّها رُكنٌ من أركانِ الإسلامِ امتنعَ منه فيقاتل عليه، فهذا معنى قوله: «إِلاَّ بِحَقِّ الإِْسْلاَمِ».

ثمَّ قال صلى الله عليه وسلم: «وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» هذا معناه أنَّنا نقبَلُ ظاهِرَهم، فمَن أظهرَ الإسلامَ قبِلْنا منه ما لمْ يحصُلْ منه ناقِضٌ من نواقضِ الإسلام، وأمَّا باطنُه فاللهُ هو الذي يتولاَّه؛ ولذلك قبِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إسلامَ المنافقين لمَّا أسلمُوا وانقادُوا في الظَّاهر وأجْرَى عليهم أحكامَ المُسْلمين، وأمَّا باطنُهم فهذا عندَ الله جل وعلا هو الَّذي يَعلمُه، فنحن نَحكُم على الظَّاهر، ولا نعلَمُ ما في البَوَاطن، إنَّما هذا إلى الله، حِسابُهم على الله.

فمَن كان مُسلمًا ظاهِرًا وباطنًا فإنَّه يكونُ من أهلِ الجنَّة، ويكونُ مسلمًا في الدُّنيا والآخرة، ومن كان مُسلمًا ظاهِرًا فقط، فإنَّه من أهلِ النَّار، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [النساء: 145]، لكن لا يعلَمُ النِّفاقَ الذي في القلوبِ إلاَّ اللهُ جل وعلا،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (7284)، ومسلم رقم (20).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (1400).